فقال له الشيخ : وما أربك الى قتلي ، أنا شيخ كبير فان تركتني فديت نفسي بأسيرين من المسلمين في يدي ، قال : لو وثقت بك لتركتك ، قال : فاتركني فاني لا أغدر ، قال ما تطيب بذلك نفسي الا أن تأتيني بضمين ، قال ومن يضمني في عسكرك ، فدعني أجل فيه فانظر ، فأرسل معه رجلا يحفظه فجعل يدور ويتصفح وجوه الناس ، حتى مر بفتى يحس فرسا له ، فقال : هذا يضمنني ، من غير أن يكلمه أو يعرفه ، فأقبل الرسول على الفتى فقال : أتضمنه؟ قال : نعم ، قال : أتعرفه؟ قال : لا. قال : فكيف تضمنه؟ قال : رأيته يتصفح وجوه الناس فلم يرج عند أحد منهم فرجا غيري ، فما كنت لأخيبه ، فضمنه اياه وأطلقه ، فما لبث أن جاء بأسيرين من المسلمين ، فدفعهما (٢ ـ و) الى مسلمة ، ثم قال لمسلمة : ائذن للفتى يخرج معي حتى أكافئه ، قال : قد أذنت له ، فأقبل الرومي على الفتى فقال : أنت والله يافتى ابني ، قال : وكيف وأنا رجل من العرب من بني كلاب وأنت من الروم؟ قال : والله ما هو الا أن رأيتك فتحركت في رحم ، علمت أنها بيني وبينك فمن أمك؟ قال رومية قال : هي والله ابنتي سبيت صبية ، ثم مضى به الى قريته ، فنظر الفتى الى ابنة الرومي ، وهي خالته فكأنما رأى أمه ، ثم أخرج اليه حليا وثيابا مقطعة كانت لأمه ، قد صانوها وحفظوها فدفعوها الى الفتى ، ثم زوده وأرسلوا الى أمه بالسلام ، وقالوا له : أخبرها بسلامة أمها وأختها فأقبل الفتى حتى صار الى أهله ، وأخرج لهم بعض الحلي ، فنظرت اليه فارتاعت وأرسلت عينها بالبكاء ، وقالت : ظهرتم على قريتنا وانهبتموها؟ قال : لا تراعي وقص عليها القصة وأخبرها بسلامتهم (١).
الحجاج بن يوسف الثقفي الظالم المشهور :
ابن الحكم بن أبي عقيل بن مسعود بن عامر بن معتب بن مالك بن كعب بن عمرو بن سعد بن عوف بن ثقيف ، وهو قسي بن منبه بن بكر بن هوازن بن منصور ابن عكرمة بن خصفة بن سعد بن قيس بن عيلان بن مضر الثقفي ، أبو محمد دخل الثغور الشامية وولي بها ، وقرأت في بعض مطالعاتي أنه كان بنى موضعا للسلاح
__________________
(١) يمكن اعتبار هذه الحكاية من الاصول الادبية التي بنيت عليه رواية ذات الهمة العربية وبالمقابل ملحمة دايجينس أكريتس (رجل الثغور) الاغريقية حيث البطل مزدوج النسب جمع بين العربية والاغريقية البيزنطية.