قال : قوله «ما يمنى لك» ما يقدر لك القادر الله عز وجل.
قرأت في رسائل الوزير أبي القاسم بن المغربي ، نسخة كتاب كتبه ليعرض بالسدة القادرية وقد طعن عليه بالدار الخليفية في مذهبه حيث وزر للملك السعيد شرف الدولة أبي علي ، وانكار الاسم المغربي المشهور به ، وأنه نسب الى اعتقاد المذهب المصري (١) والتدين به فكتب رسالة في ذلك ، وكتبها على وجهها وحذفت من آخرها ما لا حاجة لي إليه لما فيها من ذكر نسبه ومنشأه ومذهبه ومبدأ حاله وطلبه للعلم واشتغاله ، والرسالة :
الدهر أبو العجائب ، وذو الغرائب ، إلا أنني ما ظننته يبدع هذه البدعة الشنعاء ، ولا ظننته يطرق هذه الظنة النكراء وينبغي (١٦ ـ و) أن أنزل عن الاحتجاج للملك أدام الله بقاءه وأعز نصره ولواءه ، والمؤتمن على تدبيره والسفير بينه وبين عسكره ، أدام الله تمكينه ، فإن الله يعلم والناس يعلمون خلوص نياتهما في الطاعة وبعدهما من هذه الشناعة ، فإن تشاغلي بما يخصني من هذه الحال التي ظننت أن العرض على الله يسبقها ، وأن المعتقد المقدس قد استحكم في الثقة بي استحكاما يقصر أيدي اللئام عن صياغة مثلها لي ، فإن كان يظن أن ما وسمت به من النسب المستعار يحملني على الازورار فإن الأمر بضده إذ كان أصلي من البصرة ، وانتقل سلفي عنها في فتنة البريدي إلى بغداد ، وكان جدّ أبي ، وهو أبو الحسن علي بن محمد يخلف على ديوان المغرب ، فنسب به إلى المغربي ، وولد له جدي الأدنى ببغداد في سوق العطش ، ونشأ وتقلد أعمالا كثيرة ، منها تدبير محمد بن ياقوت عند استيلائه على أمر المملكة ، وكان خال أبي وهو أبو علي هارون بن عبد العزيز الأوارجي المعروف الذي مدحه المتنبي متحققا بصحبة أبي بكر محمد بن رائق ، فلما لحق أبا بكر بن رائق ما لحقه بالموصل (٢) سار جدي وخال أبي الى الشام ، والتقيا بالإخشيذ ، وأقام والدي وعمي رحمهما الله بمدينة السلام ، وهما حدثان إلى أن توطدت أقدام شيوخهما بتلك البلاد ، وأنفذ الإخشيذ غلامه المعروف بفاتك المجنون
__________________
(١) الاسماعيلية عقيدة الخلافة الفاطمية.
(٢) سبقت الاشارة الى مقتل ابن رائق من قبل ناصر الدولة الحمداني.