القسري : أصلح الله الأمير لم أصن وجهي عن مسألتك ، فصن وجهك عن ردّي وضعني من معروفك حيث وضعتك من رجائي ، فأمر له بما سأل.
ودخل إليه أعرابي ومعه جراب فقال : أصلح الله الأمير يأمر لي بملأ جرابي دقيقا فقال خالد املئوه دراهم ، فخرج على الناس ، فقيل له : ما صنعت في حاجتك؟ قال : سألت الأمير ما أشتهي فأمر لي بما يشتهي.
أخبرنا أبو الحجاج يوسف بن خليل قال : أخبرنا أبو القاسم بن بوش قال : أخبرنا أبو العز أحمد بن عبيد الله بن كادش قال : أخبرنا أبو علي محمد بن الحسين الجازري قال : أخبرنا أبو الفرج المعافى بن زكريا الجريري قال : حدثنا أبي قال : حدثنا أبو أحمد الختلي قال : أخبرنا أبو حفص ـ يعني ـ النسائي ، قال : قرأت في كتاب عن عبد الملك (٣٨ ـ و) بن قريب الأصمعي قال : دخل أعرابي على خالد ابن عبد الله القسري فقال : أصلح الله الأمير إني قد امتدحتك ببيتين ولست أنشدكهما إلّا بعشرة آلاف وخادم فقال له خالد قل فأنشأ يقول :
لزمت نعم حتى كأنك لم تكن |
|
لزمت من الأشياء شيئا سوى نعم |
وأنكرت لا حتى كأنك لم تكن |
|
سمعت بلا في سالف الدهر والأمم |
فقال خالد بن عبد الله : يا غلام عشرة آلاف وخادما يحملها.
قال : ودخل عليه أعرابي وقال : إني قد قلت شعرا وأنشأ يقول : (١)
أخالد إني لم أزرك لحاجة |
|
سوى أنني عاف وأنت جواد |
أخالد إن الأجر والحمد حاجتي |
|
فأيهما تأتي وأنت عماد |
فقال له خالد بن عبد الله : سل يا أعرابي ، قال : قد جعلت المسألة إليّ أصلح الله الأمير؟ قال : نعم ، قال : مائة ألف درهم ، قال : أكثرت يا أعرابي ، قال : أفأحطك أصلح الله الأمير؟ قال : نعم قال : قد حططتك تسعين ألفا ، فقال له خالد : يا أعرابي ما أدري من أي أمريك أعجب ، فقال له : أصلح الله الأمير إنك لما جعلت المسألة إليّ سألتك على قدرك وما تستحقه في نفسك ، فلما سألتني أن أحط حططتك
__________________
(١) في رواية الجليس الصالح : قد قلت فيك شعرا ، وهو أقوم.