قال المعافى : قوله فلم تلفى ، والوجه فلم تلف ، ولكنه اضطر فجاء به على الأصل كما قال الشاعر :
ألم يأتيك والأنباء تنمى |
|
بما لاقت لبون بني زياد |
وقد استقصينا هذا الباب في غير هذا الموضع (١).
وقال : أخبرنا القاضي المعافى بن زكريا قال : حدثنا محمد بن الحسن بن دريد قال : أخبرنا أبو حاتم قال : حدثنا الأصمعي قال : ذكروا أن خالد بن عبد الله القسري لما أحكم جسر دجلة واستقام له نهر المبارك أنشأ عطايا كثيرة ، وأذن للناس إذنا عاما فدخلت عليه أعرابية قسرية فأنشأت تقول : (٤٢ ـ و)
إليك يا بن السادة المواجد |
|
يعمد في الحاجات كلّ ـ عامد |
فالناس بين صادر ووارد |
|
مثل حجيج البيت نحو خالد |
وأنت يا خالد خير والد |
|
أصبحت عند الله بالمحامد |
مجدك مثل الشمّخ الرواكد |
|
ليس طريف الملك مثل التالد |
قال : فقال لها خالد : حاجتك كائنة ما كانت؟ فقالت : أصلح الله الامير أناخ علينا الدهر بجرانه وعضنا بنابه فما ترك لنا صافنا ولا ماهنا ، فكنت المنتجع واليك المفزع ، قال : فقال لها خالد : هذه حاجة لك دوننا ، فقالت : والله لئن كان لي نفعها ان لك لأجرها وذخرها ، مع أن أهل الجود لو لم يجدوا من يقبل العطاء لم يوصفوا بالسخاء ، قال لها خالد : أحسنت ، فهل لك من زوج؟ فقالت : لا وما كنت لا تزوج دعيا وان كان موسرا غنيا ، وما كنت اشتري عارا يبقى بمال يفنى ، واني بجزيل مال الامير لغنيه ، قال الاصمعي : فأمر لها بعشرة آلاف درهم.
قال القاضي : أما قولها فما ترك لنا صافنا ولا ماهنا : الصافن من الخيل فيما ذكره أبو عبيدة الذي يجمع بين يديه وبين طرف سنبك احدى رجليه ، والسنبك مقدم الحافر ، قال : وقال بعض العرب : بل الصافن الذي يجمع يديه والذي يرفع طرف سنبك رجليه ، وهو مخيم ، يقال أخام برجله ، وقال الفراء : الصافنات فيما ذكر الكلبي باسناده : القائمة على ثلاث ، وقد انافت الاخرى على طرف (٤٢ ـ ظ)
__________________
(١) الجليس الصالح للجريري : ٢ / ٤٧ ـ ٤٩.