ابن زيد مناة بن تميم التميمي ثم السعدي ، أبو مضر بن أبي العباس بن أبي اسحاق ابن أبي ابراهيم بن أبي عبد الله بن أبي عقال ، ملك بن ملك بن ملك بن ملك (٢٦ ـ و) بن ملك بن ملك بن ملك بن ملك ، ملكوا إفريقية والقيروان ، وكان أبو مضر هذا آخرهم ملكا ، وظهر في أيامه أبو عبد الله الشيعي ، فهزم الشيعي جيوشه ، وأخذ بلاده فأسلم إفريقية حين عجز عنها ، وفرّ بما خف معه من الأموال والذخائر واجتاز بطرابلس المغرب فأقام بها تسعة عشر يوما ، وأطلق أبا العباس أخا أبي عبد الله الشيعي من الحبس لاظهاره البراءة من أبي عبد الله ، وأنه ليس بأخ له ، ثم ندم على اطلاقه ، ولما خرج أبو مضر ورقا خطيب القيروان المنبر وخطب ودعا للمهدي فقال : أبو محمد عبيد الله المهدي بالله أمير المؤمنين ، قام جبلة بن حمود الصدفي قائما وكشف رأسه حتى رآه الناس ، ومشى من عند المنبر إلى آخر الجامع ، وهو يقول : قطعوها قطعهم الله (١) ، وقام الفقهاء ووجوه البلد معه ، فما حضر الجامع أحد من الأماثل بعد ذلك اليوم ، وأخذوا الناس بالعنف فمن أجاب أكرم ، ومن أبي أهين وحبس.
وأما أبو مضر فإنه رحل من طرابلس ووصل إلى مصر وعليها النوشري (٢) فوقع بينه وبينه خلاف ووحشة ، ثم أصلح بينهما ابن بسطام ، ثم رحل أبو مضر من مصر وتوجه إلى الشام ، ونفذ منها إلى الرقة ، وكتب إلى الوزير ابن الفرات (٣) يستأذنه في القدوم على الخليفة المقتدر فلم يؤذن له في الوصول إلى بغداد ، وأمره ابن الفرات بالمقام بالرقة ، فأقام بها سنة منعكفا على شرب الخمر والفسق ، وسعى به قوم الى المقتدر وأشاروا برده الى المغرب ، وكان قد تفرق عنه أصحابه عند مقامه بالرقة (٢٦ ـ ظ) واشتغاله باللهو ، فكتب المقتدر الى النوشري كتابا ، والى ابن بسطام كتابا الى مصر يأمرهما بمعونة أبي مضر بالرجال والعدد ، وأن يعطى من خراج مصر ما يقيم به عسكره ، وكتب إليه من بغداد بالعودة الى المغرب ليدرك
__________________
(١) اي قطعوا الخطبة للعباسيين ، ولجبلة بن حمود ترجمة مطولة في رياض النفوس للمالكي : ٢ / ٢٧ ـ ٤٥ ، وقد توفي سنة ٢٩٧ ه. هذا واسم المهدي «عبد الله» لا «عبيد الله» انظر كتابي الجامع في اخبار القرامطة : ١ / ١٩٧٨.
(٢) عيسى النوشري والي مصر آنذاك. أنظر حوله كتاب الولاة للكندي : ٢٦٧.
(٣) هو علي بن محمد بن موسى من أشهر وزراء الدولة العباسية قتل سنة ٣١٢ ه / ٩٢٤ م. الاعلام للزركلي.