ثأره ، فعاد زيادة الله الى مصر ومشى بها متقلدا بسيفين فأخرجه النوشري الى ذات الحمام (١) وهو موضع ، وقال له تكون هناك حتى تأتيك الرجال والمال ومطله بذلك حتى أنفق جميع ما كان معه ، وباع السلاح والعدد وكثرت به العلل ، وقيل إن بعض خدمه سمته في طعامه فوقع شعر لحيته ، ثم رجع الى مصر وخرج منها الى بيت المقدس فمات هناك ، فدفن بها ، وقيل مات بالرملة ودفن بها.
وفي نفوذه من الشام الى الرقة وعوده مرّ بحلب أو ببعض عملها.
وكان له شعر جيد وعنده أدب وفضل ، وكان آباؤه يذهبون الى مذهب الامام أبي حنيفة رضي الله عنه ، فرجع هو عنه واستهتر بشرب الخمر واللهو والانهماك في المعاصي ، وآل به الأمر الى ما آل.
أنبأنا أبو نصر محمد بن هبة الله قال : أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن قال : قرأت بخط أبي الحسن رشاء بن نظيف وأنبأنيه أبو القاسم علي بن إبراهيم ، وأبو الوحش سبيع بن المسلم عنه قال : أخبرنا أبو الفتح ابراهيم بن علي ابن ابراهيم البغدادي قال : حدثنا محمد بن يحيى الصولي قال : حدثنا أبو الحسن علي بن جعفر الكاتب قال : حدثني أبي قال : كان لزيادة الله بن عبد الله بن إبراهيم ابن أحمد ، وهو زيادة الله الأصغر ، وكان أميرا بإفريقية غلام فحل (٢٧ ـ و) صيني يدعى خطاب ، وهو الذي اسمه في السكك فسخط عليه وقيده بقيد من ذهب ، فدخل يوما من الأيام صاحبه على البريد وهو عبد الله بن الصائغ ، فلما رأى الغلام مقيدا تأخر قليلا وعمل بيتين ، وكتب بهما الى زيادة الله ، وهما:
يا أيها الملك المأمون طائره |
|
رفقا فإن يد المعشوق فوق يدك |
كم ذا التجلد والأحشاء راجفة |
|
أعيذ قلبك أن يسطو على كبدك |
فأطلق الغلام ورضي عنه ، وصل عبد الله بن الصائغ بالقيد الذهب (٢).
__________________
(١) ذات الحمام موضع بين مكة والمدينة. معجم البلدان ، ولا أظن أنه المقصود.
(٢) تاريخ دمشق لابن عساكر : ٦ / ٢٣٣ ـ ظ.