كتب إلينا أبو روح عبد المعز بن محمد الهروي منها قال : أنبأنا زاهر بن طاهر الشحامي عن أبي القاسم بن البندار عن أبي أحمد القاري قال : أخبرنا أبو بكر محمد بن يحيى الصولي ـ اجازة ـ قال : كان العباس بن الحسن يحب أن يري المكتفي أنه فوق القاسم بن عبيد الله تدبيرا ، فقال للمكتفي إن ابن الأغلب في دنيا عظيمة ، ونعم خطيرة وأريد أن أكاتبه وأرغبه في الطاعة ، وأخوفه المعصية ، ففعل فأنجح الكتاب ووجه ابن الأغلب برسول له شيخ ، ومعه هدايا ، ومائتا خادم وخيل وبزّ كثير ، وطيب ، ومن اللبود المغربية ، ومائتان وعشرة آلاف درهم في كل درهم عشرة دراهم ، وألف دينار في كل دينار عشرة دنانير وكتب على الدراهم من وجهين على كل وجه منها :
يا سائرا نحو الخليفة قل له |
|
أن قد كفاك الله أمرك كلّه |
بزيادة الله بن عبد الله سي |
|
ف الله من دون الخليفة سلّه (٢٧ ـ ظ) |
وفي الجانب الآخر :
ما ينبري لك بالشقاق منافق |
|
إلا استباح حريمه وأذله |
من لا يرى لك طاعة فالله قد |
|
أعماه عن سبل الهدى وأضله |
ووجه إلى العباس بهدايا جليلة كثيرة ، وعرفه أنه لم يزل وآباؤه قبله في طاعة الخلفاء.
قال الصولي : وقد رأيت الشيخ القادم بالهدايا من قبله ، وكان عظيم اللحية ، وكان معه مال عظيم فاشترى مغنيات بنحو ثلاثين ألف دينار لابن الأغلب تساوي عشرة آلاف دينار ، ولعب الناس عليه فيهن وغبنوه ، وكان قليل العلم بالغناء ، ثم اعتل فمات فأخذ العباس بن الحسن جميع ما كان معه ، وورد الخبر بعقب ذلك بمجيء ابن الأغلب منهزما الى مصر ، فكتب العباس يتعرف مقدار ابن الأغلب وجيشه وما ورد به مصر معه ، فوردت كتب أصحابه بأنه في غاية الترفه والتشاغل بلذته ، وأنه لا رأي له ولا حزم عنده ، فكتب الى النوشري في إخراجه من مصر الى الحضرة ، فلما صار بديار مضر أشار على المكتفي أن لا يقدمه الحضرة إذ كان