ومنهم من أفتاه بأنه لا يضر تولية الأعمى ابتداء ، واستنابه القاضي شمس الدين البساطي فحكم بالمدرسة الصالحية بالقاهرة ، ثم أنهى أمره إلى السلطان ووصف بما يستحقه من الثناء عليه فأعيد إلى منصبه ، ثم توجه إلى مكة.
ثم سعى عليه فعزل مرة ثانية بابن الزين المذكور في أوائل سنة ثلاثين فأبى أن يسعى له محبوه في العود وليستمر معزولا إلى أن مات.
وكان إماما علامة فقيها مفننا حافظا للأسماء والكنى ، وله معرفة تامة بالشيوخ والبلدان واليد الطولى في الحديث والفقه والتاريخ. لطيف الذات ، حسن الأخلاق ، عارفا بالأمور الدينية والدنيوية ، له غور ودهاء وتجربة وحسن عشرة وحلاوة لسان ، ويجلب القلوب بحسن عبارته ولطيف إشارته.
وكانت وفاته في النصف الثاني (١) من ليلة الأربعاء ثالث شوال سنة اثنتين (٢) وثلاثين وثمانمائة بمكة (٣) ، وصلي عليه بعد صلاة الصبح عند باب الكعبة ، ودفن بالمعلاة بقبر سيدي الشيخ علي بن أبي الكرم الشولي بوصية منه ، وكان الجمع في جنازته وافرا ، وكثر الأسف عليه ، ولم يخلف بالحجاز بعده مثله رحمهالله ورضي عنه.
أخبرنا العلامة الحافظ قاضي المسلمين تقي الدين أبو الطيب محمد بن أحمد بن علي الحسني الفاسي ، والعلامة النحوي نجم الدين أبو عبد الله محمد بن أبي بكر بن علي بن يوسف الأنصاري المرجاني ، والعلامة جمال الدين أبو المحاسن محمد بن إبراهيم بن أحمد المرشدي ، سماعا عليهم مجتمعين بقراءة والدي بزيادة دار الندوة (٤) من المسجد الحرام ، والشيخ الجليل الأصيل زين الدين أبو محمد عبد الرحيم بن إبراهيم بن محمد بن عبد الرحيم الأميوطي ،
__________________
(١) في الأصل : الثامن.
(٢) في الأصل : اثنين. والصواب ما أثبتناه ليوافق العدد المعدود. وكذلك وردت في بقية الكتاب.
(٣) إتحاف الورى ٤ : ٤٧.
(٤) في الأصل : الندوى.