__________________
واستماتة المدافعين ، ودام الحصار نحو أربعة أشهر دون جدوى ، ففك يوسف بن تاشفين الحصار بعدما كبد حامية الحصن خسارة كبيرة ، وأهلك معظم رجاله حتى إن ملك قشتالة حين قدم الحصن لنجدته لم يجد فيه سوى مائة فارس وألف راجل (محارب من المشاة) ، بعد أن كان يضم عند محاصرته ثلاثة عشر ألف مقاتل ، ثم عاد يوسف إلى بلاده بعد ترك بعض قواته تحت إمرة خير قواده (سير بن أبي بكر اللمتوني).
شاهد أمير المرابطين عند عبوره إلى الأندلس ما عليه أمراؤها من فرقة وتنابذ ، وجنوح إلى الترف والبذخ ، وميل إلى الدعة والراحة والعيش الناعم ، في الوقت الذي يهملون فيه شئون رعيتهم ، ويتقاعسون عن حماية دولتهم من خطر النصارى وتطلعهم إلى الاستيلاء على أرضهم ، فاستقر في ذهنه ضرورة إزاحة هؤلاء الأمراء عن مواقعهم ، وعزز من ذلك فتاوى كبار الفقهاء من المغرب والأندلس بوجوب خلع ملوك الطوائف ، وانتزاع الأمر من أيديهم ، وكان «أبو حامد الغزالي» و «أبو بكر الطرطوشي» على رأس القائلين بهذه الفتوى ؛ وهو ما دعا أمير المرابطين إلى تنفيذ هذا الأمر ، وكان لا يحب القيام بعمل إلا إذا كان متفقا مع أحكام الشرع الحنيف.
عبر أمير المرابطين إلى الأندلس للمرة الثالثة بجيش ضخم في أوائل سنة (٤٨٣ ه :
١٠٩٠ م) لتحقيق هذا الهدف ، ومقاتلة النصارى ، فاتجه بقواته إلى طليطلة ، واجتاح في طريقه أراضي قشتالة دون أن يتقدم أحد من ملوك الطوائف لمعاونته أو السير معه ، وكان يرغب في استرداد طليطلة لعله يشفى الجرح الدامي ، لكنه لم ينجح نظرا لمناعة أسوارها العالية ، فرجع بجيشه إلى إشبيلية وفي عزمه أن يستخلصها هي وغيرها من إمارات ملوك الطوائف بعد أن وقر في قلبه ، وقامت عليه الأدلة إلى