ونقدّر أنه حين ولد في بغداد ، كان أبوه قد بزغ فيها نجمه ، فقد جاء لياقوت في أبي سعيد قوله : «أفتى في جامع الرصافة خمسين سنة على مذهب أبي حنيفة ، فما وجد له خطأ ، ولا عثر له على زلة» (١) كما اتفقت كتب التراجم على أنه توفي سنة ٣٦٨ ه عن أربع وثمانين سنة ، فمولده إذن هو سنة ٢٨٤ ه ورزق بولده يوسف وسنّه تجاوز الخامسة والأربعين.
سيراف :
أما سيراف التي ينتسب إليها أبو سعيد ـ وبقيت تلازم اسم ولده بالرغم من استقراره في بغداد .. ـ فهي ميناء صخري على الساحل الشرقي للخليج العربي ، وقد كان لها في تاريخ الفرس حرمة دينية قديمة ، وتروى عنها بعض الأساطير ، واسمها مركّب من (شير) بمعنى اللبن و (آب) أي الماء ، ثم عربت فقلبت الشين إلى السين ، والباء إلى الفاء (٢).
وتعد سيراف حتى قبيل منتصف القرن الرابع أكبر مدينة في إقليم فارس بعد شيراز ، وتأتي أهميتها وهي القاحلة ـ «لا زرع فيها ولا ضرع إلا ما يحمل إليها من البلدان» (٣) ـ من أنها كانت مركز التبادل التجاري الوحيد على الساحل الشرقي بين فارس والهند. «فهي مشتبكة البناء ، كثيرة الأهل ، يبالغون في نفقات الأبنية ، حتى إن الرجل من التجار لينفق على داره زيادة على ثلاثين ألف دينار ، ويعملون فيها بساتين ، وإنما سقيها وفواكههم وأطيب مائهم من جبل مشرف عليهم يسمى حم» (٤).
__________________
(١) معجم الأدباء ٨ / ١٥٠
(٢) معجم البلدان ٣ / ٢١١
(٣) معجم البلدان ٣ / ٢١٢
(٤) المسالك والممالك لابن حوقل ١٩٨