هذا كل ما قيل في صلاته بعلماء عصره ، مع أن عصره كان يزخر ـ كما قلنا ـ بأعلام الأدب واللغة والنحو وغيرها .. أمثال : أبي الطيب اللغوي ت ٣٥١ ه وأبي الفرج الأصفهاني ت ٣٥٦ ه وحمزة الأصفهاني ت ٣٦٠ ه وأبي علي الفارسي ت ٣٧٧ ه وأبي بكر الزبيدي ت ٣٧٩ ه والمحسّن التنوخي ت ٣٨٤ ه والمرزباني ت ٣٨٤ ه والرماني ت ٣٨٤ ه والصاحب بن عباد ت ٣٨٥ ه والجوهري ت ٣٩٢ ه وابن جني ت ٣٩٢ ه والتوحيدي ت ٤٠٠ ه وأندادهم .. على حين قلّ أن نجد كتابا من نتاج ذلك القرن يخلو من ذكر لأبي سعيد في مجالسه ومناظراته.
ولا تعليل لتقلص نشاط أبي محمد وصلاته ـ بالقياس إلى أبيه ـ سوى بتقلص قدراته عنه من جهة ، وباستعداد مزاجه لهذا المسلك بعد ذلك.
خلقه :
أجمع كل من ترجم لابن السيرافي على استقامة دينه ، وطيب خلائقه ، فقرن في ذلك بوالده ، فهو «الفاضل ابن الفاضل» (١) «والإمام ابن الإمام» (٢) ، «يرجع إلى علم ودين» (٣) وقد رأينا ورع أبي سعيد وتقشفه ، فكان ابنه كذلك «صالحا ورعا متقشفا» (٤).
أما ما رأيناه من انفعاله ، وانصرافه غاضبا في أحد دروس والده في مطلع حياته ـ فإنما كان بدافع حبه لأبيه ، وإعجابه بمعرفته ، وغيرته بالتالي على سمعته العلمية ، بدليل توجهه في الحال لبيع دكانه ، والانقطاع إلى العلم ليكون مؤهلا لصون جهود والده الشيخ. كما أنه سلوك ينتمي إلى الفتوة وعنفوان الشباب. هذا
__________________
(١) مرآة الجنان ٢ / ٤٢٩
(٢) الجواهر المضية ٢ / ٢٢٦
(٣) المنتظم لابن الجوزي ٧ / ١٨٧
(٤) بغية الوعاة ٢ / ٣٥٥