وهذا الفراء وهو خليفة الكسائي «كان زائد العصبية على سيبويه ، وكتاب سيبويه تحت رأسه» (١).
ثم نسمع الجاحظ (ت ٢٥٥ ه) وهو يخاطب محمد بن عبد الملك الزيات بقوله : «أردت أن أهدي إليك شيئا ، ففكرت فإذا كل شيء عندك ، فلم أر أشرف من هذا الكتاب ، وقد اشتريته من ميراث الفراء» فقال الزيات : «والله ما أهديت إليّ شيئا أحب إليّ منه» (٢).
وحين يمضي على تأليف الكتاب أربعة قرون نسمع الزمخشري أحد كبار علماء القرن السادس وهو ينشد في «الكتاب» قوله :
ألا صلّى الإله صلاة صدق |
|
على عمرو بن عثمان بن قنبر |
فإنّ كتابه لم يغن عنه |
|
بنو قلم ولا أبناء منبر (٣) |
* * *
وازداد الاهتمام بالكتاب ، واتسعت دائرته بتقدم الزمن ، فعكف عليه الكثيرون من العلماء عبر العصور ، يشرحون نصه وعباراته ، أو يقتصرون على شرح أبياته ، أو يعنون بالأمرين معا.
فقد تعاور شرح نصه تسعة وعشرون عالما ، بدأوا بتلميذه الأخفش الأوسط في مطلع القرن الثالث ، حتى الباقلّاني أواخر القرن الهجري الثامن.
__________________
(١) بغية الوعاة ٢ / ٣٣٣
(٢) سيبويه إمام النحاة للأستاذ علي النجدي ناصف ص ١٩٣ والمدارس النحوية د. شوقي ضيف ٥٩
(٣) بغية الوعاة ٢ / ٢٣٠