إلا يوم الجمعة ويقتات بالبقول ويتتبع مجتمعات الماء التي يثري فيها الحوت كفحل والسيد وغيرهما ، فيصيد منه أشياء يقتات به وشيئا يهديه لأصحابه وأحبابه ، وبلغ من قوة عزيمته في دينه أن جعل في عنقه غلا ثقيلا يتذكر به حال الآخرة ، ونهي عن ذلك فأبى حتى قيل له : إنك به خالفت السنة وارتكبت البدعة ، فتركه بعد شدة ، وكان يسرد الصوم أبدا حتى العيدين ، فقيل له أيضا في ذلك : فقال : إن أكلت شيئا مرضت ، فقيل له فكل ولو مثل حبة من الطعام ولا تأثم بالإجماع ، فكان فعل ، مات في خليص متوجها إلى مكة سنة تسع وأربعين وسبعمائة ... رحمهالله ، وقال المجد : من المنقطعين عن هذه الدار ملازما للسياحة في الجبال والبراري ، لا يدخل المدينة إلا من جمعة إلى جمعة ويقتات بالبقول ويتتبع مساكاة المياه والأنهار التي بين الجبال كغدران ورقان وبفحل والسيد وغيرها فيصيد منها ما تيسر من الحوت ويهيىء لنفسه منه بعض القوت ، وما فضل منه يهديه إلى أحبابه ويفرقه على أصحابه ، وكان وضع في عنقه غلا عظيما يتذكر به أحوال الآخرة وأهوالها ، حتى قيل إنه مخالف للسنة وابتداع في الشريعة ، فأخرجها وأزالها ، وكان يسرد الصيام ويتحرى بيسير مما تيسر من الطعام ، ومات بطريق مكة محرما عام سبعة وسبعين وسبعمائة ، وهو في درر شيخنا.
٣٤٦٣ ـ القاسم السلاوي : المغربي المالكي ، قال ابن فرحون : إنه كان من إخواننا الفضلاء العلماء الأكياس ، ممن كان يحضر الدرس عند والدي ، نجيبا ، متفننا ، باهرا في الفرائض ، نقالا للفروع ، وهو من الزعماء الذين تركوا شهامتهم وقوة بطشهم في بلادهم وهاجر إلى الله ورسوله ، وكان فقيرا ضيق الحال.
٣٤٦٤ ـ قالون : لقب لعيسى بن مينا بن وردان بن عيسى ، أبو عيسى الزرقي ، مولى الزهريين ، المدني من أهلها ، الإمام المغربي النحوي ، معلم العربية ، وربيب شيخه نافع بن أبي نعيم (فيما قيل) ، وهو الملقب له لجودة قراءته فقالون (وهي لفظة رومية معناه جيد) ، وقال الداني : إنه عرض أيضا على عيسى بن وردان الحذا حدث عن سبحة وعن محمد بن جعفر بن أبي كثير وعبد الرحمن بن أبي الزياد وغيرهم ، وعنه البخاري وأبو زرعة الداري وابراهيم بن ديريل وإسماعيل القاضي وموسى بن إسحاق القاضي وجماعة ، وقرأ عليه القرآن طائفة كثيرة منهم ابناه أحمد وإبراهيم وأحمد بن يزيد الحلواني وأبو نشيط محمد بن هارون وأحمد بن صالح المصري ومحمد بن عبد الحكم القطري ، وعثمان بن حرزاد ونقل عنه أن شيخه نافعا قال له : إلى كم تقرأ اجلس إلى أسطوانة حتى أرسل إليك ، وانتهت إليه رئاسة الإقراء في زمانه بالحجاز ، ورحل إليه الناس ، وطال عمره وبعد صيته ، وكان فيما قاله علي بن الحسين ال ...... ، كما سمعه ابن أبي حاتم منه : شديد الصمم بحيث لو رفع القارىء صوته إلى الغاية لا