هبط القرآن الكريم في جزيرة العرب ، والأمة العربية تمثل ذروة قدراتها الإبداعية في فن القول.
والقرآن العظيم ، وهو إنساني الرسالة ، إلا أنه عربي النص ، مستشرف العبارة ، مشرق الديباجة بوجه من عروبته الناطقة ، وتبقى هذه العربية أصلاً قويماً في دلائل إعجازه ، بل الأصل الأول ، وما تبقى من دلائل فروع هذا الأصل العريق.
القرآن من وجه ثروة بلاغية لا تنفد ، ومعين تراثي لا ينضب ، وهو كتاب هداية وإرشاد وتشريع من وجه آخر.
هذا التقييم الطبيعي للقرآن مختص به ، لا يشاركه في أبعاده أي كتاب إلهي أو بشري.
إذن : إجتمع في القرآن أصل من عربيته الفصحى ، وقيمتان : بلاغية وتشريعية متميزتان ، ذلك ما دعا علماء العرب ، وجهابذة المسلمين ، وفحول المستشرقين ، وجملة من الأوربيين ، أن ينهلوا من روافده حيناً ، وأن يحدبوا على فهمه الحقيقي بعض الأحايين ، وقد نتج عن هذا المنطلق الأثير إمتداد يد الباحثين الأمينة للقرآن ، فعالجت شتى علومه ، وأستخرجت جملة من كنوز أسراره ، فأضفت على البحث الموضوعي برداً من الجدة لا يبلىٰ ، وأفاضت سبيلاً من المعارف لا يفنى. وكان دور العرب والمسلمين في هذا المجال بارزاً غير خفي ، وقِدحهم المعلىٰ في الميادين كافة.
نشأت المدارس الحضارية التي تعنى بالتراث في ظل حضارة الاسلام في الحواضر العربية في كل من :