القدرة البيانية في نصوص القرآن الكريم ، تجاوزت حدود المعرفة الانسانية العجلى ، حتى عادت ضرباً من الاعجاز ، وسنخاً جديداً من البيان العربي الذي لا يدانيه نصٌ أدبي.
الفن القولي في كلام العرب ، ذو أصناف ثلاثة : شعر ونثر وقرآن ، الشعر بما تدرج عنه من قصائد ومقطّعات وأبيات وأراجيز وشواهد ، والنثر بما تفرع عنه من قصص وحكايات وأساطير وأمثال وخطب وأسجاع ورسائل ، والقرآن وإن اشتمل على بحور الشعر كافة ، وتمثلت به أرقى نماذج النثر الفني بعامة ، إلا أننا لا نستطيع أن نسميه شعراً ، كما لا نستطيع أن نسميه نثراً ، لأنه ليس هذا وذاك ، بل هو قرآن وكفىٰ.
والقرآن اسم علم غير مشتق خاص بكلام الله تعالى كما يراه الشافعي ويرجحه السيوطي وعليه أئمة الأصوليين (١).
وقد يكون مشتقاً من القراءة ومرادفاً لها باعتباره مصدراً (٢). وقد يكون مشتقاً من القرائن لأن الآيات فيه يصدق بعضها بعضاً ، ويشبه بعضها بعضاً كما يراه الفراء (٣).
وقد يكون معناه القراءة في الأصل ، أو مصدر قرأت بمعنى تلوت ، وهو المروي عن ابن عباس (٤) ومنه قوله تعالى : ( إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ (١٧)
__________________
(١) ظ : السيوطي ، الأتقان في علوم القرآن : ١ / ٥١.
(٢) ظ : محمد عبد الله دراز ، النبأ العظيم : ٧.
(٣) ظ : الألوسي ، روح المعاني : ١ / ١١.
(٤) ظ : الطبرسي ، مجمع البيان : ١ / ١٤.