وأربعمائة ، ولم يتعرض أحد في مدته إلى ما تعرض له من أحكام الأمور والإطلاع على أسرار الدول ، وذلك أنه أخذ ذلك عن جده لأنه كان كاتب الإنشاء ويعلم الوقائع ، وتولى هو الإنشاء أيضا ، فاستعان بعلم الأخبار الواردة على ما جمعه ، ثم يتلوه كتاب ولده غرس النعمة محمد بن هلال ، وهو كتاب حسن إلى بعد سنة سبعين وأربعمائة» (١)
هذا وتمتاز مواد آل الصابىء بشكل عام على مواد الطبري ، أنهم كانوا المصدر بحكم المعاصرة والمشاهدة ، وبالتالي لم يكونوا نقله مما كتبه غيرهم ، فالطبري أجاد النقل ولم يجد التأريخ لأيامه.
وقد يتساءل الإنسان عن حجم مصنفي ثابت وهلال ، فلا يجد لسؤاله جوابا موثقا ، لأن تاريخ ثابت لم يصلنا ، وكان تاريخ هلال بحكم المفقود إلى جرى العثور في اليمن ، في مكتبة خاصة ، على آخر جزء منه ورقمه «الرابع والثلاثون» ، وحقق هذا الجزء رضوان أحمد الليث ونال عليه شهادة الماجستير من جامعة صنعاء عام ١٩٩٨.
وكان سبط ابن الجوزي ، صاحب مرآة الزمان ، قد استحوذ على مجمل ذيول آل الصابىء فاستفاد منها ونقل ، وقام في إحدى المراحل بإقحام محتويات تاريخ غرس النعمة كله في كتابه ، وكان غرس النعمة قد أطلق على مصنفه اسم «عيون التاريخ» ، وقد أرخ به للحقبة الممتدة ما بين ٤٤٨ إلى ٤٧٩ ه ، وجعله بمثابة ذيل لتاريخ أبيه ، وذكر الأسباب التي حدت به إلى تأليفه بقوله : «وبعد ، فكان أبي وصىّ إليّ لما أحس بقدوم الوفاة ، ويئس من أيام الحياة ، ولمعت له لوامع المنية ، وقرعت سمعه قوارع البلية ، رغبة في زيادة الذكر ونمائه وانتشاره وبقائه ، بصلة كتاب التاريخ الذي ألفه إلى آخر سنة سبع وأربعين وأربعمائة تأليفا يعجز عنه من يروم مثله ،
__________________
(١) ـ تاريخ الحكماء لعلي بن يوسف القفطي (ط. ليبسك ١٣٢٠ ه) من ١٠٩ ـ ١١١. وفيات الأعيان لأحمد بن خلكان ـ ط. باريس ١٨٣٨. إرشاد الأريب إلى معرفة الأديب (معجم الأدباء) لياقوت الحموي (ط. القاهرة ١٩٠٩) ج ٢ ص ٣٩٧.