بغداد بإعادة طبعه بطريقة تصوير الأوفست ، ونفدت نسخ الكتاب من الأسواق منذ سنين عديدة.
لقد بذل المستشرق أمدروز جهده في تحقيق نص الكتاب فنال بعض التوفيق ، وكان حظه من الإخفاق أكبر ، علما بأنه ألحق بالمتن عددا من الحواشي المهمة استقى غالبيتها من تاريخ ميافارقين للفارقي ، ومرآة الزمان لسبط الجوزي.
ومرد الإخفاق إلى أنه لا يوجد في العالم إلا نسخة خطية واحدة من الكتاب ، وهذه النسخة على وضوح خطها النسخي ، وعلى الرغم من نظافتها وخلوها من التطبيع وخروم الأوراق والأسطر ، والاضطراب ، فإن متنها قد انتشرت فيه التصحيفات بشكل رهيب ، لا يستطيع المرء التنبه إليها إلا بكل صعوبة يضاف إلى هذا أن الناسخ ـ الذي لا نملك ترجمة لحياته ـ كان عاجزا عن قراءة الأصل الذي اعتمده ، لذلك لم يكتف بأعمال التصحيف بل تجاوز جملا برمتها ، ولهذا فمتن الكتاب فيه من الثغرات ما لا يمكن إحصاؤه ، وعند ما أقدم أمدروز على نشر الكتاب أخفق في التنبه إلى تصحيفات النص وثغراته كما أخفق في قراءة الكثير من الكلمات بشكل صحيح ، ولهذا جاءت طبعته مشوشة النص ، وقامت الحاجة إلى إعادة تحقيق الكتاب ونشره.
ومنذ أكثر من أربعين عاما كنا نتحدث عن وجود حاجة ماسة إلى إعادة تحقيق جميع الكتب التي سلف نشرها في أوربا ، وأن هناك حاجات ماسة للاهتمام بتاريخ بلاد الشام في العصور الإسلامية ، فالطالب عندما يدرس العصر الأموي يعرف ما كان يجري بالكوفة ولا يدري ما كان يجري في دمشق دار الخلافة ، ومقر نشاطاتها ، ولكم يتمنى المرء لو تم إنشاء مركز للدراسات الشامية يلحق بجامعة دمشق أو بغيرها من المؤسسات الثقافية ، ويعمل على جمع مصادر تاريخ بلاد الشام ، وإحياء نصوص هذه المصادر أو التعريف بها ، وحبذا لو أقدمت