وفي سنة ستين وثلاثمائة (١)
[في ذي القعدة وصل القرامطة إلى دمشق ، ونصبوا على أسوارها السلالم ، وتعلقوا بها وفتحوها قصدا ، وأوقعوا بأهلها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ، وشنعوا بأهلها وقتلوا واليها جعفر بن فلاح ، وسبب ذلك أنهم لما رأوا أن جعفرا استولى على الشام أهمهم أمره وأزعجهم وقلقوا ، لأنهم كانوا قرروا مع ابن طغج أن يحمل إليهم في كل عام ثلاثمائة ألف دينار ، فلما ملكها جعفر علموا أن المال يفوتهم ، فعزموا على المسير إلى الشام ، وصاحبهم وقتئذ الحسن بن أحمد بن بهرام القرمطي فأرسل إلى عز الدولة بختيار يستمد منه المعونة بالسلاح والمال ، فأجابه إلى ذلك واستقر الحال أنهم إذا ساروا إلى الكوفة سائرين إلى الشام حملوا الذي استقر ، فلما وصلوا الكوفة أوصل إليهم ذلك وساروا إلى دمشق ، وبلغ خبر وصولهم إلى جعفر ، فاحتقرهم واستهان بهم «ولم يدر المخبأ له ولم يصل إليه قول القائل : إذا كان عدوك نملة فلا تنام له ، وقد تقتل النملة الثعبان والأسد» (٢) ولم يحتط (٣) ويحترز منهم ولم يعمل لهم حسابا ، فكبسوه بظاهر دمشق (٤) وقتلوه من حيث لا يشعر بهم ، وغنموا ماله وأنعامه من ناطق وصامت (٥).
__________________
(*) بداية المستدرك من مختصر تاريخ ثابت بن سنان.
(١) يبدو أن هذه الجملة مقحمة في الأصل.
(٢) في الأصل ـ يحتاط ـ.
(٣) في مرآة الزمان ـ مخطوطة أحمد الثالث ـ ١١ / ٨٨ ـ و: وفيها [٣٦٠ ه] توفي جعفر ابن فلاح أحد قواد المصريين ، وأول أمير ولي لهم دمشق ، وكان فيمن خرج مع جوهر من المغرب ، وشهد معه فتوح مصر ، ثم بعثه جوهر إلى الشام ، فتغلب على الرملة سنة ثمان وخمسين وثلاثمائة ، وأقام بدمشق.
ولخمس خلون من صفر من هذه السنة ، أمر المؤذنين بجامع دمشق أن يؤذنوا بحي على خير العمل ، وكذا بالمساجد ، وكان ينزل بمكان يقال له الدكة بين نهري يزيد وتورا ، وقيل هي فوق يزيد قريبا من دير مران ، فجاء أبو محمد الحسن بن أحمد القرمطي إلى دمشق ويلقب بالأعصم ، وكان جعفر مريضا ، فخرج فقاتله فقتله القرمطي في ذي القعدة وقيل في شوال.
(٤) اصطدم الفاطميون أثناء محاولتهم الاستيلاء على دمشق بجماعات الأحداث فيها ،