وبعد ملكهم لدمشق أمنوا من بقي من أهلها ، وعزموا المسير إلى الرملة واستولوا على جميع ما بينهما ، فلما سمع من بها من المغاربة خبرهم ساروا منها إلى يافا ، فتحصنوا بها ، وملك القرامطة الرملة بعد قتال شديد وخسائر جمة ، وبعد استتباب الأمر لهم قصدوا المسير إلى مصر وتركوا على يافا من يحصرها.
وعند دخولهم مصر اجتمع عليهم خلق كثير من العرب وغيرهم من الجند والاخشيدية والكافورية ، فنزلوا بفناء مدينة الشمس على مقربة من مصر قريبا من قرية البلسم أو البيلسان وتعرف «بعين» شمس ، واجتمع جند جوهر الصقلبي قائد المعز لدين الله ، وخرجوا إليهم ، فاقتتلوا غير مرة فلم يظفروا بهم في جميع تلك الأيام ، وما حصل منهم من الفظائع من قطع الطريق والنهب والسلب وسطوهم على القرى وهتكهم الأعراض يعجز القلم عن وصفه لعنهم الله.
ثم أنهم تقدموا وزحفوا وحصروا عسكر جوهر وضايقوهم وحصروهم حصارا شديدا ، ثم أن جند جوهر خرجوا يوما من مصر وحملوا على القرامطة من الميمنة فانهزم من بها من العرب وغيرهم ، وقصدوا خيام القرامطة فنهبوها وكبسوهم فيها فاضطروا إلى الهزيمة ، وولوا الأدبار راحلين إلى الشام ، فنزلوا الرملة ثم حصروا يافا حصارا شديدا وضيقوا على من بها ، فسير القائد جوهر نجدة من عسكره لأصحابه المحصورين بها ، ومعهم ميرة في خمسة عشر مركبا ، فأرسل القرامطة مراكبهم إليها فأخذوا مراكب جوهر ولم ينج منها غير مركبين ، فغنمهما مراكب الروم.
وللحسن بن بهرام زعيم القرامطة شعر فمنه في المغاربة أصحاب المعز لدين الله العلوي الفاطمي الإفريقي يقول :
زعمت رجال الغرب أني هبتها |
|
فدمي إذا ما بينهم مطلول |
يا مصر إن لم أسق أرضك من دمي |
|
يروي ثراك فلا سقاني النيل |