حضر معهم وانضم إليهم الأمير حسان بن جراح الطائي أمير العرب ببادية الشام ، ومعه جمع عظيم ، فلما رأى ذلك المعز استعظم الأمر ، وتحير وارتبك في أمره ، فجمع حاشيته ووزراءه (١).
.... (٢) وتحصنوا بالسور وعظم الأمر على المعز وتحير في أمره ولم ينفعه كتابه إليه ولا ترهيبه عليه ولم يقدم على الظهور بعسكره إليه (٣) ، وكان حسان بن جراح الطائي (٤) بعسكره مع القرمطي ، وكان قوته وشدته به ، ونظر المعز في أمره فإذا ليس به طاقة ، فأعمل فكرته ورويته في أمره وشاور أهل الرأي من خاصته وجنده في أمره فقالوا : ليس فيه حيلة غير فلّ عسكره ، وليس يقدر على فله إلا بابن جراح ، فبذلوا له مائة ألف دينار على أن يفل لهم عسكره ، فأجابهم إلى ذلك ، ثم نظروا في
__________________
(*) نهاية المستدرك من مختصر تاريخ ثابت ، حيث تتطابق المعلومات بعد ذلك.
(١) نهاية سقط من أول الكتاب مقداره أربع عشرة ورقة.
(٢) إثر احتلال جوهر الصقلبي لمصر وجه القائد جعفر بن فلاح نحو الشام فاصطدم ببقايا القوى الاخشيدية في فلسطين فقهرها ، ومن ثم أخذ الطريق نحو دمشق فاصطدم في منطقة حوران بقبائل عقيل مستعينا عليها ببني مرة وفزارة ثم وصل دمشق فاصطدم الفاطميون بأهل المدينة يتقدمهم أحداث المدينة.
والأحداث هي منظمة شبه عسكرية شعبية بلدية ، وكان من بين زعماء أحداث دمشق مقدم اسمه محمد بن عصودا ، تصدى فيمن تصدى لجعفر بن فلاح إنما عند ما أخفق هرب من دمشق يريد الأحساء وقد رافقه ظالم بن موهوب (أو مرهوب) العقيلي ، وهناك في عاصمة دولة القرامطة أطلع الحسن الأعصم زعيم القرامطة على حوادث الشام الجديدة ، وكان للقرامطة أتاوة سنوية كبيرة يأخذونها من الاخشيدية حكام الشام قطعت بالاحتلال الفاطمي ، لهذا ولأسباب كثيرة ساق الأعصم جيوشه إلى الشام بعد ما نال تشجيع ومساعدة بغداد ، فأوقع بقوات ابن فلاح ، وقتل ابن فلاح نفسه ، ثم توجه نحو مصر وحاصر القاهرة دون نجاح ، حيث انسحب القرمطي عائدا إلى الشام ، وعند ما ارتفع خطر القرامطة ، أرسل جوهر الصقلبي إلى الخليفة المعز لدين الله الفاطمي ودعاه إلى القدوم إلى مصر فلبى الدعوة ، سنة ٣٦٢ ه / ٩٧٣ م ، وفي سنة ٣٦٣ ه وصل القرامطة مجددا إلى مصر وحاصروا المعز ، وطال الحصار على المعز ، وكتب إلى القرمطي رسالة مطولة بالغة الأهمية ، ولقد سبق لي معالجة هذا الموضوع في كتابي أخبار القرامطة ، دمشق ١٩٨١ ، كما أنني نشرت في ملاحق كتابي مدخل إلى تاريخ الحروب الصليبية ، ط. دمشق ١٩٧٥ ، ص : ٣١٣ ـ ٣٤٨ ترجمه كل من جعفر بن فلاح وجوهر الصقلبي من مخطوطة كتاب المقفي للمقريزي.
(٣) حسان بن علي بن جراح أمير قبائل فلسطين ، انظر كتابي أخبار القرامطة : ٦٢ ، ١٩٠ ، ٣٨٧ ، ٤٠٤.