فشاهدها وكشف أحوال أهلها وأمور الرعية بها ، وتقدم إلى القائد أبي محمود بالانكفاء عنها ، فرحل عن دمشق إلى الرملة في عدة خفيفة من عسكره ، وبقي الأكثر مع القائد ريان ، وكان ذلك بقضاء الله وتقديره ونفاذ حكمه ، وتمادت الأيام في ذلك إلى أن تجددت ولاية أبي منصور ألفتكين التركي المعزي البويهي الواصل (١).
ولاية ألفتكين (٢) المعزي لدمشق في بقية سنة أربع (٣)
وستين وثلاثمائة وما بعدها وشرح السبب في ذلك
قد مضى ذكر ما جرى عليه أمر القائد ريان المعزي (٤) الخادم في تولية أمر دمشق ، وما شاهده من أمر الفتن الحادثة فيها ، واتصال الحروب بها ، وما اعتمده من النظر في تسديد أحوالها وتدارك إصلاح اختلالها بعد ذلك ، وتسكين نفوس من بها ، ووافق هذه الحال ما تناصرت به الأخبار من بغداد من اشتداد الفتن والوقائع بين الديلم والأتراك وما كان من عصيان الحاجب سبكتكين المعزي مقدم الأتراك على عز الدولة بختيار ابن مولاه معز الدولة أبي الحسين بن بويه الديلمي ، وما حدث من موت الحاجب سبكتكين المذكور وردّ الأمر في التقدم على الأتراك إلى الحاجب أبي منصور ألفتكين المعزي والرئاسة عليهم ، لسكونهم إلى سداده وجميل فعله في الأعمال ، واقتصادهم واعتمادهم عليه في إخماد ثائرة الفتنة ، وسكنت نفوس الأجناد ببغداد.
__________________
(١) الواصل من العراق.
(٢) يرد رسم هذا الاسم في المصادر بأشكال مختلفة : منها هفتكين ، بغتكين ، ألفتكين ، ألبتكين ، والصحيح هو «ألب تكين أي عبد جلد» ويجوز القول ألف بدلا من ألب فالباء والفاء سواء في الأسماء المعربة عن التركية. انظر ديوان لغات الترك ، تأليف محمود الكاشغري. ط. الآستانة : ١٣٣٣ ه : ١ / ٣٤٦ ـ ٣٤٧.
(٣) في الأصل ثلاث وهو خطأ واضح ، انظر أخبار القرامطة : ٦٤ ـ ٦٥.
(٤) ألفتكين المعزي وريان المعزي ، أما الأول فنسبته إلى معز الدولة البويهي ، وأما الثاني فنسبته إلى المعز لدين الله الفاطمي.