وأخذهم السيف ، وكان ظالم بن موهوب معهم ، فانهزم إلى صور وأحصي القتلى فكانوا أربعة آلاف ، وطمع في أخذ عكا وتوجه نحوها.
وقد كان العزيز بالله كاتب ألفتكين بمثل ما كاتبه به المعز لدين الله من الاستمالة ، ووعده بالاصطناع إذا (١) أخذت عليه البيعة ، وظهرت منه الطاعة ، فأجابه فيه جوابا فيه بعض الغلظة ، وقال : هذا بلد أخذته بالسيف وما أدين فيه لأحد بطاعة ولا أقبل منه أمرا ، وغاظ العزيز هذا الجواب منه ، وأحفظه واستشار أبا الفرج يعقوب بن يوسف بن كلس (٢) وزيره فيما يدبر أمر ألفتكين به ، فأشار باخراج القائد جوهر إليه مع العساكر ، فأمر بالشروع في ذلك وترتيب الأمر فيه.
وعرف ألفتكين ذلك وما وقع العزم عليه ، فجمع وجوه أهل دمشق وأشرافها وشيوخها ، وقال لهم : قد علمتم أنني لم أتوسطكم وأتولى تدبيركم إلا عن رأيكم ومرادكم ، وقد طلبني من هذا السلطان ما لا طاقة لي به ، وأنا منصرف عنكم وداخل إلى بلاد الروم ، وعامل على طلب موضع أكون فيه ، وأستمد ما أحتاج إليه منه ، لئلا يلحقكم بقصد من يقصدكم ما يثقل به الوطأة عليكم ، وتصل به المضرة إليكم ، وكان أهل دمشق يأبون المغاربة لمخالفتهم لهم في الاعتقاد ، ولأنهم أمويون ، ولقبح سيرة الناظرين الذين كانوا عليهم ، فقالوا : إنّا اخترناك لرئاستنا ،
__________________
(١) في الأصل «وأخذت» وهو غير مستقيم المعنى ولعل ما أثبتناه هو الصواب.
(٢) عراقي الأصل من يهودها ، قدم الرملة وعمل بها ثم توجه إلى مصر حيث التحق بكافور الاخشيدي ، فنفق عليه وأعلن اسلامه فاستوزره ، توجه بعد وفاة كافور إلى إفريقية فالتحق بالفاطميين ورافق جيوشهم التي استولت عليهم مصر ، وفي مصر وضع أسس نظام الادارة الفاطمي بشكل يكاد يكون علميا ، كما كتب في الدعوة الاسماعيلية وأسهم في إعادة تنظيمها ، تسلم الوزارة الفاطمية أكثر من مرة ، وتوفي في أيام العزيز ، والمثير في أمره أن وثائق الجنيزا اليهودية المصرية المعاصرة له تشير إليه باسم الأخ يعقوب مما يدفع إلى القول بأنه تمسك باليهودية وتظاهر بالاسلام. انظر كتاب «يهود في الحياة الاقتصادية والسياسية للاسلام الوسيط» تأليف والتر فيشل (بالانكليزية) ط. لندن ١٩٦٨ ص : ٤٥ ـ ٦٨. مجتمع البحر الأبيض المتوسط ، تأليف س. د. جويتين (بالانكليزية) ط. كاليفورنيا ١٩٦٧ ص : ٣٣ ـ ٣٤. الاشارة إلى من نال من الوزارة لعلي بن منجب الصيرفي ط. القاهرة ١٩٢٤ ص : ١٩ ـ ٢٣.