على مكاتبة الملك المغيث فتح الدين عمر ابن الملك العادل سيف الدين أبي بكر محمد بن الملك الكامل صاحب الكرك والشوبك ، وخطبوا له بالصالحية يوم الجمعة لأربع مضين من جمادى الآخرة ، فأمر الملك المعز بالنداء بالقاهرة ، ومصر بأن البلاد للخليفة المستعصم بالله والملك المعز نائبه بها ، وذلك يوم السبت لخمس مضين من جمادى الآخرة سنة ثمان وأربعين ، ووقع الحث في خروج العساكر ، وجددت الأيمان للملك الأشرف بالسلطنة ، وللملك المعز بالأتابكية ، ثم قصد الملك الناصر صلاح الدين يوسف الديار المصرية بالعساكر ، وضرب مصافا مع العساكر المصرية ، وكسروا كسرة شنيعة ، ولم يبق إلا تملك الملك الناصر البلاد ، وخطب له في قلعة الجبل ومصر وغيرها من الأعمال على ما هو مشهور ، وتفرقوا منهزمين لا يلوون على شيء ، وتبعتهم عساكر الملك الناصر منتشرين وراءهم في طلب النهب والمكاسب ، وبقي الملك الناصر في شرذمة يسيرة من أعيان الأمراء والملوك تحت السناجق والكوسات تخفق وراءه ، وقد تحقق النصر والظفر ، وأما الملك المعز فتحير في أمره إذ ليس له جهة يلتجىء إليها ، فعزم بمن كان معه من الأمراء على دخول البرية والتوصل إلى مكان يأمنون فيه على أنفسهم ، وظهر لهم بعد ذلك عليهم ، فاجتازوا إلى الملك الناصر على بعد وهم في نفر يسير وهو في نفر يسير فرموا أنفسهم عليه ، وحملوا عليه حملة رجل واحد ، فتفرقوا وقتل الأمير شمس الدين لؤلؤ الأميني مدبر الدولة ، وأتابك العساكر ، والأمير ضياء الدين القيمري وغيرهما ، وهرب الملك الناصر لا يلوي على شيء ، وكسر الملك الصالح عماد الدين إسماعيل بن الملك العادل ، والملك الأشرف ابن صاحب حمص ، والملك المعظم توران شاه ابن السلطان صلاح الدين وغيرهم ، واستمرت الكسرة على عساكر الشام ، وبلغ خبرها الأمير جمال الدين موسى بن يغمور ، وقد قارب بلبيس ، ومعه قطعة كبيرة من الجيش ، فقال : ما علينا نحن قد ملكنا البلاد ، والسلطان يعود إلينا ، وكان بعض الأمراء قد