توهم أن الملك الناصر ربما قتل ، فقال الأمير نجم الدين أمير حاجب لابن يغمور : ياخوند جمال الدين حب الوطن من الإيمان ، كأنه نسبه إلى أنه إختار دخول الديار المصرية على كل حال ، وأنه ربما له باطن مع المصريين ، فغضب لذلك وثنى رأس فرسه ، وعاد ولو كان دخل بمن معه لملك البلاد.
وعاد الملك المعز إلى الديار المصرية مظفرا منصورا ، وخرج الملك الأشرف من قلعة الجبل للقائه ، ورسخ قدم الملك المعز ، وعظم شأنه ، واستمر الحال على ذلك إلى سنة إحدى وخمسين ، فوقع الاتفاق بينه وبين الملك الناصر على أن يكون له وللبحرية الديار المصرية وغزة ، والقدس ، وما في البلاد الشامية للملك الناصر ، وأفرج عن الملك المعظم توران شاه بن صلاح الدين ، وأخيه نصرة الدين ، والملك الأشرف ابن صاحب حمص وغيرهم من الاعتقال ، وتوجهوا إلى الشام ، وعظم شأن الأمير فارس الدين أقطاي الجمدار ، والتفت عليه البحرية وصار يركب بالشاويش وحدثته نفسه بالملك ، وكان أصحابه يسمونه الملك الجواد فيما بينهم ، وخطب بنت الملك المظفر تقي الدين محمود صاحب حماة ، وهي أخت الملك المنصور صاحبها ، وتحدث مع الملك المعز أنه يريد يسكنها في قلعة الجبل لكونها من بنات الملوك ، ولا يليق سكناها بالبلد ، فاستشعر الملك المعز منه بما عزم عليه ، وعمل على قتله ، ولم يقدم على ذلك ، فكاتب الملك الناصر صلاح الدين يوسف رحمهالله واستشاره في الفتك به فلم يجبه في ذلك بشيء ، مع كونه يؤثر ذلك ، لكنه علم أنه مقتول على كل حال ، وسير الأمير فارس الدين ليحضر بنت صاحب حماة إليه فخرجت من حماة ، ووصلت دمشق في تجمل عظيم ، وعدة محفاة مغشاة بالأطلس وغيره من فاخر القماش وعليها الحلي والجواهر ، ثم خرجت بمن معها من دمشق متوجهة إلى الديار المصرية ، وأما الملك المعز فإنه لما أبطأ عليه جواب الملك الناصر ، وتحقق أن بنت صاحب حماة في الطريق