الديار المصرية ، وخطب لها على المنابر ، وكانت تعلم على المناشير وغيرها «والدة خليل» ، وبقيت على ذلك مدة ثلاثة شهور ، ثم استقر الأشرف والمعز على ما ذكرنا ، ثم تزوجها الملك المعز حسب ما شرحناه ، وكانت مستولية عليه ليس له معها كلام ، وكانت ذكية ذات شهامة ونفس قوية وسيرة حسنة ، شديدة الغيرة ، فلما بلغها أن الملك المعز يريد أن يتزوج بنت الملك الرحيم بدر الدين لؤلؤ صاحب الموصل ، وقد عمل على ذلك ، تخيلت منه أنه ربما عزم على إبعادها ، أو إعدامها لأنه سأم من تحجرها عليه واستطالتها ، فعاجلته وقتلته على ما ذكرنا ، فأخذها مماليكه بعد أن أمنوها واعتقلوها بالبرج الأحمر بقلعة الجبل ، وعندها بعض جواريها ، والملك المنصور ووالدته يحرضان المعزية على قتلها لأنها كانت غير مجملة في أمرهما ، وكان الملك المعز لا يجسر أن يجتمع بوالدة الملك المنصور ولده خوفا من شجر الدر.
فلما كان يوم السبت حادي عشر ربيع الآخر وجدت مقتولة مسلوبة خارج القلعة ، فحملت إلى تربة كانت بنتها لنفسها بقرب مشهد السيدة نفيسة رحمة الله عليها ، فدفنت بها ، وكان الصاحب بهاء الدين علي بن محمد بن سليم المعروف بابن حنا وزيرها ، ووزارته لها أول درجة ترقى إليها من المناصب الجليلة ، ولما قتلت الملك المعز وأحيط بها وتيقنت أنها مقتولة أودعت جملة من المال فذهب ، وأعدمت جواهر نفيسة سحقتها في الهاون ...
غازية خاتون بنت الملك الكامل محمد بن الملك العادل سيف الدين أبي بكر محمد بن أيوب بن شاذي ، والدة الملك المنصور صاحب حماة ، كانت صالحة دينة تحب الخير وأهله ، وأقامت منار العدل بحماة ، وهي المدبرة للأمور منذ توفي زوجها الملك المظفر ، ونصب مكانه ولده الملك المنصور ، والمرجع إلى ما ترسم به في الجليل والحقير ، وكانت وصلت إلى حماة في سنة تسع وعشرين وستمائة ، وولد لها من الملك المظفر ابنان