السادس وعشرين منه ، وكان له بر ومعروف ، وبنى المدرسة المعزية بمصر على النيل ، وهي من أحسن المدارس ، ووقف عليها وقفا جيدا ، ولها دهليز عظيم متسع طويل مفرط في السعة والطول ، بلغني أن بعض الكبراء دخلها فرآها صغيرة بالنسبة إلى مجازها ، فقال : هذه المدرسة مجاز بلا حقيقة ، وكان يلي تدريسها القاضي برهان الدين الخضر بن الحسن السنجاري ، رحمهالله إلى أن مات ، وهو على تدريسها ، وملك الملك المعز الديار المصرية نحو سبع سنين ، وتوفي وقد ناهز الستين سنة رحمهالله تعالى.
أيبك بن عبد الله الأمير عز الدين الحلبي الكبير كان من أعيان الأمراء الصالحية النجمية وقدمائهم ، وممن يضاهي الملك المعز ، وله المكانة العظيمة في الدولة ، والمحل الكبير بين الأمراء يعترفون له بالتقدم عليهم والرياسة ، وكان له عدة مماليك أعيان نجباء صاروا بعده أمراء أكابر منهم : ركن الدين اتاجي أمير حاجب ، وبدر الدين بيليك الجاشنكير ، وصارم الدين أزبك الحلبي وغيرهم ، ولما قتل الملك المعز على ما قدمنا ذكره حلف الأمراء لولده الملك المنصور ، وتوقف الأمير عز الدين المذكور ، وأراد القيام بالأمر ، ثم خاف على نفسه فحلف ووافق الأمراء في ذلك ، فلما كان يوم الجمعة عاشر ربيع الآخر ، وقبض الأمير سيف الدين قطز والمعزية على الأمير علم الدين سنجر الحلبي واعتقلوه ، ركب الأمراء الصالحية ، ومنهم الأمير عز الدين المذكور فتقنطر به فرسه ، فهلك خارج القاهرة ، وأدخل إليها ميتا ، وكذلك ركن الدين خاص ترك الصغير رحمهماالله تعالى.
شجر الدر بنت عبد الله جارية الملك الصالح نجم الدين ، وأم ولده خليل ، كانت حظية عنده أثيرة لديه ، وكانت في صحبته لما كان بالكرك وولدت له خليلا ، وحمل معها إلى الديار المصرية وبقي مدة يسيرة يركب مع الخدام ، وتوفي صغيرا ، ولما قتل الملك المعظم توران شاه تملكت