المغيث صاحب الكرك متفقون على قصد الديار المصرية ، ووصل إليهم الملك المغيث ونزل بدهليزه بغزة ، وأمر البحرية كله راجع إلى الأمير ركن الدين البندقداري ، ووصل الأمير سيف الدين قطز وعساكر مصر ، ونزلوا حول العباسة مستعدين لقتالهم.
وفيها استولى التتار على بغداد والعراق بمكيدة دبرت مع وزير الخليفة قبل ذلك ، وآل الأمر إلى هلاك الخليفة ، وأرباب دولته وقتل معظم أهل بغداد ، ونهبوا وذلك في يوم الأربعاء عاشر صفر قصد هولاكو بغداد وملكها ، وقتل الخليفة المستعصم بالله رحمهالله ، وما دهي الاسلام بداهية أعظم من هذه الداهية ولا أفظع ، وسنذكر خبرها مجملا إن شاء الله تعالى.
قد علم تملك التتر أكثر الممالك الإسلامية وما فعلوه من خراب البلاد ، وسفك الدماء ، وسبي الحريم والأولاد ، ونهب الأموال ، وكانوا قبل هذه السنة قد قصدوا الألموت بلد الباطنية ، ومعقلهم المشهور ، وكان صاحب الألموت وبلادها علاء الدين محمد بن جلال الدين حسن المنتسب إلى نزار بن المستنصر بالله العلوي صاحب مصر ، وتوفي وقام مقامه ولده الملقب شمس الشموس ، وكان الذي قصد الألموت هولاكو ، وهو من ذرية جنكيز خان ، الذي قصد بلاد الشام سنة ست عشرة وستمائة واندفع بين يديه السلطان علاء الدين محمد بن تكش ، وفعل تلك الأفاعيل العجيبة المسطورة في التواريخ ، وهو صاحب أمة التتر التي مرجعهم إليها ، وكان جنكيز خان عندهم بمنزلة النبي لهم ، ولما نازل هولاكو الألموت ، نزل إليه صاحبها ابن علاء الدين بإشارة نصير الدين الطوسي عليه بذلك ، وكان الطوسي عنده ، وعند أبيه قبله ، فقتل هولاكو ابن علاء الدين ، وفتح الألموت وما معها من البلاد التي في تلك الناحية ، وكان لهم بالشام معاقل ، ولصاحب الألموت فيها أبدا نائب من قبله ، وسنذكر ما آل إليه أمرها فيما بعد إن شاء الله تعالى.