واستولى هولاكو على بلاد الروم ، وأبقى ركن الدين بن غياث الدين كيخسرو فيها له اسم السلطنة صورة ، وليس له من الأمر شيء ، وفي سنة أربع وخمسين وستمائة تهيأ هولاكو لقصد العراق ، وسبب ذلك أن مؤيد الدين ابن العلقمي وزير الخليفة كان رافضيا ، وأهل الكرخ روافض ، وفيه جماعة من الأشراف والفتن لا تزال بينهم وبين أهل باب البصرة ، فإنه لسبب التعصب في المذاهب ، فاتفق أنه وقع بين الفريقين محاربة فشكا أهل باب البصرة ، وهم سنية إلى ركن الدين الدوادار ، والأمير أبي بكر بن الخليفة ، فتقدما إلى الجند بنهب الكرخ ، فهجموا ونهبوا وقتلوا ، وارتكبوا العظائم ، فشكا أهل الكرخ ذلك إلى الوزير ، فأمرهم بالكف والتغاضي ، وأضمر هذا الأمر في نفسه ، وحصل عنده بسبب ذلك الضغن على الخليفة ، وكان المستنصر بالله رحمهالله قد استكثر من الجند ، حتى قيل إنه بلغ عدة عسكره نحو مائة ألف ، وكان منهم أمراء أكابر يطلق على كل منهم لفظ الملك ، وكان مع ذلك يصانع التتار ويهاديهم ، فلما ولي المستعصم أشير عليه بقطع أكثر الجند ، وأن مصانعة التتر وحمل المال إليهم يحصل به المقصود ، ففعل ذلك وقلل من الجند ، وكاتب الوزير ابن العلقمي التتر وأطمعهم في البلاد ، وأرسل إليهم غلامه وأخاه ، وسهل عليهم ملك العراق ، وطلب منهم أن يكون نائبهم في البلاد ، فوعدوه بذلك ، وأخذوا في التجهيز لقصد العراق ، وكاتبوا بدر الدين لؤلؤ صاحب الموصل في أن يسير إليهم ما يطلبونه من آلات الحرب ، فسير إليهم ذلك ، ولما تحقق قصدهم علم أنهم إن ملكوا العراق لا يبقون عليه ، فكاتب الخليفة سرا في التحذير منهم ، وأنه يعتد لحربهم ، فكان الوزير لا يوصل رسله إلى الخليفة ، ومن وصل إلى الخليفة منهم بغير علم الوزير اطلع الخليفة وزيره على أمره ، فكان الشريف تاج الدين ابن موصلايا نائب الخليفة بإربل ، فسير إلى الخليفة من يحذره من التتر ، وهو غافل لا يجدي فيه التحذير ، ولا يوقظه التنبيه لما يريده الله تعالى ، فلما تحقق الخليفة حركة التتر نحوه ، سير شرف الدين ابن محيي