سنة أربع وخمسين وستمائة
... وفيها تواترت الأخبار بوصول عساكر هولاكو إلى أذربيجان قاصدة بلاد الشام ، فوردت قصاد الديوان العزيز على الشيخ نجم الدين الباذرائي ، وهو إذ ذاك بدمشق تأمره أن يتقدم إلى الملك الناصر بمصالحة الملك المعز صاحب مصر ، وأن يثني عزمه عن قصده ، ويتفق معه على قتال التتار ، وأجاب إلى ذلك ، وأعاد العسكر إلى دمشق بعد أن كان قد وصل إلى غزة ، وأقام بها صحبة الملك المعظم توران شاه ابن صلاح الدين يوسف بن أيوب ، فدخل العسكر دمشق في العشر الأول من شوال ، وفي جملتهم الأمير ركن الدين بيبرس البندقداري ، فأقطعه الملك الناصر مثل ما كان له بمصر من الإقطاع.
وفي شوال توجه كمال الدين عمر بن العديم رسولا من الملك الناصر صلاح الدين يوسف رحمهالله إلى الخليفة المستعصم بالله على البرية بتقدمة كبيرة ، فوصل بغداد في الثاني والعشرين من ذي القعدة ، وطلب من الخليفة : خلعة لمخدومه ، وكان قد قدم بغداد الأمير شمس الدين سنقر الأقرع ، وهو في الأصل من غلمان الملك المظفر شهاب الدين غازي ابن العادل ، رسولا من الملك المعز صاحب مصر إلى الخليفة بسبب تعطيل الخلعة ، فتحير الخليفة فيما يفعل ، فأحضر الوزير مؤيد الدين بن العلقمي جمال الدين بن كمال الدين بن العديم وكان سافر مع أبيه ، وناوله سكينة كبيرة من نشم ، وقال له : خذ هذه علامة على أنه لا بد من الخلعة للملك الناصر في وقت آخر.
وفيها عزل القاضي بدر الدين السنجاري عن قضاء الديار المصرية ووليها القاضي تاج الدين عبد الوهاب بن خلف المعروف بابن بنت الأعز.
ذكر ما تجدد للملك الناصر داود بن الملك المعظم في السنة
كان له وديعة سنية عند الخليفة من جواهر وغيرها ، فتوقف في ردها عليه ، وشرهت نفسه إليها ، واحتج بحجج لا معنى لها ، وجرى في ذلك