أهملناه من حمية الدين وحفظ أركانه ، وبما اعتدناه من إغفاله ، وخذلانه ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ، قول معترف بتقصيره ، عن جهاد أعداء الله ، وأعداء دينه ، جهرا بلسانه وسرا بيقينه ، وذلك لمصيبة المسلمين بمدينة نابلس التي قتلت فيها المشايخ والشبان ، وسبيت الحلائل والصبيان ، واستولت أيدي الكفار على ما كان فيها من خزائن الأموال ، والغلال ، وما جمعه المسلمون لأزمتهم في السنين الطوال ، فهو يوم ضرب الكفر بجرانه ، وتبختر فيه بين أنصاره وأعوانه ، وتزهى على الإسلام برونق زمانه ، وهو اليوم الذي تقاتلا فيه ، فأحجم الاسلام ثم تولى ، واقتسما فيه بالسهمان ، فكان سهم الكفر هو السهم المعلى ، فيا لها من فجيعة أبكت العيون ، وأنكت الجفون ، وهجمت على القلوب فودت لو أنها سقت بالمنون ، فياليتني نبذت قبل سماعها مكانا قصيا ، أو ليت ربي لم يجعلني بعباده حفيّا ، أو ليتني مت قبل هذا وكنت نسيا منسيا :
ألا ليت أمي أيم طول عمرها |
|
فلم يقضها ربي لمولى ولا بعل |
ويا ليتها لما قضاها لسيد |
|
لبيت أريب طيب الفرع والأصل |
ويا ليتها لما غدت بي حاملا |
|
أصيب بما اجتنت عليه من الحمل |
ويا ليتني لما ولدت وأصبحت |
|
تشد إليّ الشدقميات بالرحل |
لحقت بأسلافي فكنت ضجيعهم |
|
ولم أر في الإسلام ما فيه من خبل |
فيا أيها المعز الذي كنا نظن أن الإسلام يتزيد بسعيه عزا ، وأن رقى عزائمه تكون عليه من سحر الكفار حرزا ، تيقن أن قد عمّ بالشام النفير ، ووجبت الغزاة على الحدث الطرير ، والشيخ الكبير ، وجاز للحرة أن تبرز للقتال بغير أذن بعلها ، وللأمة أن تبارز برمحها ونصلها ، ووجب على المجاورين الإسعاد ، والإنجاد ، وتعين عليهم في طاعة الله الجهاد ، فيا لسان الشريعة أين الجدال فيه وأين الجلاد ، وأين مهند لسانك الماضي ، إذا كلت المهندة الحداد ، أتغمد سيف لسانك في غمده ، وقد هجرت سيوف الكفار جفونها ، وأجرت عيون الأنام على الإسلام شؤونها ، ألا