يا له من منهل عذب يزيل الكرب بل يروي الظّماه (الظّما)
وأنشدني لنفسه أيضا :
تراءى كظبي خائف من حبائل |
|
يشير بطرف ناعس منه فاتر |
وقد ملئت عيناه من سحب جفنه |
|
كنرجس روض جاده وبل ماطر |
وكتب بهما إلى مولانا وشيخنا محمد الشامي (١) مع رقعة صورتها :
يا مولانا عمّر الله بالفضل زمانك ، وأنار في العالم برهانك. سمحت للعبد قريحته في ريم هذه صفته بهذين البيتين ، فإن رأى المولى أن يجيزهما ويجيرهما من البخس ، فهو المأمول من خصائل تلك النفس ، وإن رآهما من الغث فليدعهما كأمس ، ولعل الاجتماع بكم في اليوم هذا بعد الظهر قبل العصر (٢) لنحثّ كؤوس المحادثة ما راق بعد العصر. والمملوك كان على جناح ركوب ، بيد أنه كتب هذه البطاقة بسرعة وأرسلها إلى سوق أدبكم العامرة التي ما برح إليها كلّ خير مجلوب.
فأسبل السّتر صفحا إن بدا خلل |
|
تهتك به ستر أعداء وحسّاد |
فكتب مولانا الشيخ بهذين البيتين بديهة ، فعين الله على تلك الفطرة النبيهة :
ولربّ ملتف بأجياد المها |
|
نحوي وأيدي العيس تنفث سمّها |
لم يبك من ألم الفراق وإنّما |
|
يسقي سيوف لحاظه ليسمّها |
ثم نظم معنى بيتي الوالد فقال :
ولقد يشير إليّ عن حدق المها |
|
والرّعب يخفق في حشاه الضّامر |
أسيان يفحص في الحبال كأنّه |
|
ظبي تخبّط في حبالة جازر (٣) |
__________________
(١) هو محمد بن علي بن محمود الشامي أستاذ المؤلف. توفي سنة نيف وتسعين وألف (أنوار الربيع ١ / ٥٠)
(٢) في ك (في هذا اليوم يقدر بعد الظهر) وفي نفحة الريحانة ٤ / ١٨٣ (قبل الظهر أو بعد العصر). وما في سلافة العصر موافق للمثبت وهو رواية (ع) و (أ).
(٣) في ك (خادر) والخادر : الأسد ، وفي أ(حاذر) وفي سلافة العصر ونفحة الريحانة ـ (جاذر) مكان (جازر).