طريفة : قال القاضي أبو الحسن الجرجاني (١) كان الصاحب بن عباد (٢) يقسم لي من إقباله وإكرامه بجرجان أكثر ممّا يتلقّاني به في سائر البلدان فاستعفيته يوما من فرط تحفيته بي ، وتواضعه لي فأنشدني :
أكرم أخاك بأرض مولده |
|
وأمدّه من فعلك الحسن |
فالعزّ مطلوب وملتمس |
|
وأعزّه ما نيل في الوطن |
الأعشى (٣) :
ومن يغترب عن قومه لم يزل يرى |
|
مصارع مظلوم مجرّا ومسحبا (٤) |
وتدفن منه الصّالحات وإن يسئ |
|
يكن ما أساء النار في رأس كبكبا |
وقال آخر :
ومن ينأ عن دار العشيرة لا تزل |
|
عليه رعود جمّة وبروق |
وقال آخر :
وإنّ اغتراب المرء من غير خلّة |
|
ولا همّة يسمو بها لعجيب |
فحسب الفتى ذلّا وإن أدرك الغنى |
|
ونال ثراء أن يقال غريب |
وأنشد أبو منصور الثعالبي (٥) في يواقيت المواقيت (٦) قال : أنشدني أبو
__________________
(١) هو القاضي أبو الحسن علي بن عبد العزيز الجرجاني المتوفى سنة ٣٩٢ ه. (أنوار الربيع ٤ / ١٨٦).
(٢) هو أبو القاسم اسماعيل بن عباد. توفي سنة ٣٨٥ ه (أنوار الربيع ١ / ٥٨).
(٣) هو صناجة العرب ميمون بن قيس. توفي قبيل فتح مكة ولم يسلم (أنوار الربيع ١ / ٢٢٥).
(٤) البيت مأخوذ من بيتين وردا في ديوان الأعشى هكذا :
متى يغترب عن قومه لا يجد له |
|
على من له رهط حواليه مغضبا |
ويحطم بظلم لا يزال يرى له |
|
مصارع مظلوم مجرّا ومسحبا |
(٥) هو أبو منصور عبد الملك بن محمد المتوفى سنة ٤٢٩ وقيل ٤٣٠ ه (أنوار الربيع ١ / ١٧٢).
(٦) هو كتاب في مدح الأشياء وذمها ، ورد ذكره في دائرة المعارف الإسلامية ٦ / ١٩٥ ضمن مؤلفات الثعالبي.