خمس مرات ، ثم الأربعة ، ثم الثلاثة ، ثم الاثنان ، ثم الواحد. لها عندهم معان يذكرونها في الدهور والأعصار ، وتقتضيه سائر المؤثرات العلويّة في هذا العالم لارتباط نفوس الناطقين بها. ولليونانيين والروم وغيرهم من الأمم في الشطرنج كلام كثير وأنواع من اللعب بها. قد ذكر ذلك الشطرنجيون في كتبهم ممن تقدم منهم كالصولي (١) والعدلي (٢) وإليهما كان انتهاء اللعب بالشطرنج.
وما أحسن قول الشيخ بدر الدين بن الصاحب (٣) في الشطرنج :
تأمّل تر الشّطرنج كالدّهر دولة |
|
نهارا وليلا ثم بؤسا وأنعما |
محرّكها باق وتفنى جميعها |
|
وبعد الفنا تحيا وتبعث أعظما |
قال ابن حجة في ثمرات الأوراق : وهذا يشبه قول القاضي الفاضل (٤) وقد أخرج له السلطان الملك الناصر خيال الظل (٥) ليفرجه عليه ، فقام الفاضل عند الشروع في عمله ، فقال له الناصر : إن كان حراما فما نحضره ـ وكان حديث العهد بخدمته قبل أن يلي السلطنة ـ فما أراد أن يكدّر عليه فقعد إلى آخره ، فلما انقضى ذلك قال له الملك ناصر : كيف رأيت ذلك؟ قال : رأيت موعظة عظيمة ، رأيت دولا تأتي ، ودولا تمضي ، ولما طوي الازار إذا بالمحرك واحد. فأخرج ببلاغته هذا الجدّ في هذا الهزل. انتهى.
__________________
(١) هو أبو بكر محمد بن يحيى الصولي البغدادي الأديب الشطرنجي. توفي سنة ٣٣٥ ه (معجم المؤلفين ١٢ / ١٠٥).
(٢) العدلي : ذكره ابن النديم في الفهرست / ١٥٥ بهذه النسبة ولم يذكر اسمه. وقال : له من الكتب كتاب الشطرنج.
(٣) نسب المؤلف هذين البيتين في كتابه أنوار الربيع ٥ / ٦٥ إلى شمس الدين ابن الصايغ. وما أورده هنا موافق لرواية خزانة الأدب لابن حجة الحموي /. ٣٢٤
(٤) هو عبد الرحيم بن علي المعروف بالقاضي الفاضل. توفي سنة ٥٩٦ ه (أنوار الربيع ٢ / ٢٨٥).
(٥) خيال الظل ، ويسمى الخيالة : صورة تمثال الشيء. أطلقه مجمع دار العلوم على السينما (معجم متن اللغة).