داود صاحب الكرك أهداه إليه بعض الفقهاء الحنفية ، وأظنه قال الشمس نجا أحد المدرسين بدمشق فعجبت ممن يكون عنده مثل ذلك الكتاب ويسمح بإخراجه من ملكه.
سمعت النقيب السديد داود بن علي البصراوي يقول : كان الشيخ علاء الدين الكاساني لا يركب إلا الحصان ويقول : لا يركب الفحل إلا الفحل ، وكان له رمح لا يفارقه وكان شجاعا ، قال لي : وكان لا يأكل عمره كله إلا اللحم المطبوخ بالماء والحمص رحمه الله.
سمعت الفقيه جمال الدين أبا السرايا خليفة بن سليمان بن خليفة الكاتب قال : كان علاء الدين الكاساني قد أقام في بلاد الروم فتشاجر هو ورجل فقيه يعرف بالشعراني ببلاد الروم في مسألة المجتهدين هل هما مصيبان أم أحدهما مخطئ ، فقال الشعراني : المنقول عن أبي حنيفة رضي الله عنه أن كل مجتهد مصيب ، فقال (٢٦ ـ ظ) الكاساني : لا بل الصحيح عن أبي حنيفة : إن المجتهدين مصيب ومخطئ ، والحق في جهة واحدة ، وهذا الذي تقوله مذهب المعتزلة ، وجرى بينهما كلام في ذلك ، فرفع عليه الكاساني المقرعة فشكي الى ملك الروم ، فقال سلطان الروم لوزيره : هذا قد افتات على الرجل فاصرفه عنا ، فقال الوزير : هذا رجل شيخ وله حرمة ولا ينبغي أن يصرف بل ننفذه رسولا الى نور الدين محمود بن زنكي ونتخلص منه بهذا الطريق ، فسير من الروم رسولا الى نور الدين الى حلب ، وكان قدم الرضى السرخسي صاحب المحيط حلب وولاه نور الدين المدرسة الحلاوية بعد ولد العلاء الغزنوي ، وكان في لسانه لكنة ، فتعصب عليه جماعة من الفقهاء الحنفية بحلب وصغروا أمره عند نور الدين على ما ذكرناه في ترجمته في باب المحمدين ، فأوجب ذلك أن عزل عن التدريس بها ، وتوجه الى دمشق وكوتب عالي الغزنوي في الوصول الى حلب لتولي تدريس المدرسة ، وكان بالموصل واتفق وصول الكاساني رسولا من الروم الى نور الدين ، واحترمه وأكرمه ، واجتمع فقهاء المدرسة وطلبوا من نور الدين أن يوليه التدريس بالمدرسة المذكورة ، فعرض نور الدين عليه ذلك ، فدخل المدرسة ورآها فأعجبته وأجاب نور الدين الى ما عرضه عليه ، وقال له : هذه الرسالة أمانة (٢٧ ـ و) معي