في أعماله ، وقطعوا دعوته فتضمن رشيق النسيمي للطرسوسيين عمارة الثغر إن أقاموا الدعوة لأنوجور بن الإخشيذ وكافور بعده ، فأجابوا إلى ذلك ، وكان أبو أحمد الهاشمي بطرسوس فاجتمع ومحمد بن الحسين بن الزيات وسائر وجوه الطرسوسيين في دار ابن الزراد منهم ، فأبرموا هذا (٤ ـ ظ) الأمر على أن يكون أبو أحمد الهاشمي وابن الزيات أميري الثغور ، فكان الخاطب يخطب لابن الهاشمي ولابن الزيات بعده ، وأرسلوا رسولا إلى أنوجور وكافور في البحر يعرف بأحمد ابن الجصاصي من ولد العلوي البصري ، وأضافوا إليه أمير قبرس عليا وبدر النسيمي.
وطال مقامهم بمصر ولم يبق بالثغر مال ينفق فراسل سيف الدولة أبا أحمد وابن الزيات سرا من رشيق ورشيق بالمصيصة ، وضمن لهما رد الوقوف المقبوضة ، وحمل مال ينفق بالثغر وترد دعوته ، وكان السفير في ذلك يمن التربية غلام شعيب ، فأجابا إلى ذلك ، وأقاما الدعوة لسيف الدولة ولهما بعده ، وأخرجا رسلهما إلى سيف الدولة.
وغزا الناس غزاة شتوية وبلغوا أألس (١) فغنموا وعادوا الى أن نزلوا مغارة الكحل (٢) فوجدوا ابن الملايني قد جمع في الدرب الكبير ، واختلف أبو أحمد وابن الزيات في كونها في المقدمة والساقة ، فاختار الناس للساقة ابن الزيات ، وتقدم الهاشمي الى المقدمة مكرها ، ودخل الناس الدرب ، وكانت في الساقة تحت مغارة الكحل وقعة عظيمة بين ابن الزيات والثغريين وابن الملايني ، فسلم المسلمون وأصابوا من الروم طرفا وعادوا إلى الثغر.
وتنكر الأميران بعضهما لبعض ، وكثر الخلاف بينهما ، وهمّ أبو أحمد (٥ ـ و) الهاشمي بالوثوب بابن الزيات وجمع له جموعا ، فبادره ابن الزيات وبطش به وقبض عليه وعلى عدّة ممن كان معه ، فقتل أكثرهم ، واعتقل الهاشمي في بعض حصون الثغر ، وغزا ابن الزيات ـ وإليه وحده الإمارة ـ غزاة صائفة تسمى غزاة قونية من درب الراهب ، فغنم المسلمون وسلموا.
__________________
(١) لم يذكرها ياقوت في معجمه.
(٢) من مناطق الثغور المتقدمة.