وهرب الهاشمي من الحصن الذي كان فيه إلى سيف الدولة ، وعاد إلى طرسوس فدخلها فسرّ به أهلها إلّا طائفة كان هواها مع ابن الزيات منهم إبراهيم ابن أبي الأسود صاحب الشرطة ، فلما حصل أبو أحمد الهاشمي بطرسوس ركب إلى السجن ليخلص من كان فيه من شيعته فخالفه ابن أبى الأسود إلى الجامع فاستنهض الناس إلى السجن ، وقال لهم : إن الهاشمي يريد فتحه واطلاق الأعلاج ، وإن فعل ذلك يبقى أسراؤكم في بلد الروم لا فداء لهم ، فنفر الناس إليه قبل وصوله الى السجن ، فوثبوا إليه وأنزلوه عن دابته وقبضوا عليه ، وورد ابن الزيات من الغزاة فتسلمه وحمله الى حصن يقال له مقيل عيّاش ، فيقال إن علي الجماس الذي تولى حمله ، وهو كان صاحب البحر خنقه وردّاه من أعلى الحصن ، وأظهر أنه أراد الهرب ، فتدلى في حبل وانقطع به وسار ابناه الى بغداد متظلمين من ابن الزيات ، فكتب لهما المطيع إلى سيف الدولة كتابا بإقادة الهاشمي من ابن الزيات (٥ ـ ظ) فلم يعبأ بالكتاب ، وكان للهاشمي قوم يميلون إليه بالثغر ، فتنكروا لابن الزيات ، وكان للهاشمي من أهل بيته رجل يعرف بابن عبد الواحد يعاديه ، فعاضد ابن الزيات ، فأقام في نفسه أنه إن حصل في يد علي بن عبد الله (١) امتثل فيه أمر المطيع ، ولم يعصه ، فاستوحش من سيف الدولة.
__________________
(١) سيف الدولة الحمداني.