بكر : بأبي وأمي ليس بي بأس (١) إلّا ما نال الفاسق من وجهي ، وهذه أمي برّة بوالديها ، وأنت مبارك ، فادعها إلى الله عزوجل ، وادع الله لها عسى أن أن يستنقذها بك من النار ، قال : فدعا لها رسول الله صلىاللهعليهوسلم ثم دعاها إلى الله عزوجل ، فأسلمت ، فأقاموا مع رسول الله صلىاللهعليهوسلم في الدار شهرا ، وهم تسعة وثلاثون رجلا ، وقد كان حمزة بن عبد المطلب أسلم يوم ضرب أبو بكر ، فدعا رسول الله صلىاللهعليهوسلم لعمر بن الخطاب ، ولأبي جهل بن هشام ، وأصبح عمر ، فكانت الدعوة يوم الأربعاء ، فأسلم عمر يوم الخميس ، وكبّر رسول الله صلىاللهعليهوسلم وأهل البيت تكبيرة فسمعت بأعلى مكة ، وخرج أبو (٢) الأرقم وهو أعمى كافر ، وهو يقول : اللهم اغفر لبني غير الأرقم ، فقام عمر ، فقال : يا رسول الله على ما نخفي ديننا ونحن على الحق ، ويظهر دينهم وهم على الباطل ، قال : «يا عمر إنّا قليل ، قد رأيت ما لقينا» ، فقال عمر بن الخطاب : فو الذي بعثك بالحق لا يبقى مجلس جلست فيه بالكفر إلّا أظهرت فيه الإيمان ، ثم خرج فطاف بالبيت ، ثم مرّ بقريش وهي تنتظره فقال أبو جهل بن هشام : يزعم فلان أنك صبوت ، فقال عمر : أشهد أن لا إله إلّا الله وحده لا شريك له ، وأن محمدا عبده ورسوله ، فوثب المشركون إليه ووثب على عتبة وبرك عليه ، فجعل يضربه ، وأدخل إصبعيه في عينيه ، فجعل عتبة يصيح فتنحى الناس ، فقام عمر وجعل لا يدنو منه أحد إلّا أخذ شريف من دنا منه حتى أعجز الناس ، واتّبع المجالس التي كان يجالس فيها ، فيظهر الإيمان ، ثم انصرف إلى النبي صلىاللهعليهوسلم وهو ظاهر عليهم ، فقال : ما علمتك بأبي وأمي والله ما بقي مجلس كنت أجلس فيه بالكفر إلّا أظهرت فيه الإيمان غير هائب ولا خائف ، فخرج رسول الله صلىاللهعليهوسلم وخرج عمر أمامه ، وحمزة بن عبد الرّحمن بن عبد المطلب حتى طاف بالبيت ، فصلى الظهر معلنا ، ثم انصرف إلى دار الأرقم ، ومعه عمر ، ثم انصرف عمر وحده ، ثم انصرف إلى النبي صلىاللهعليهوسلم.
أخبرنا أبو غالب أحمد ، وأبو عبد الله يحيى ابنا أبي علي ، قالا : ثنا أبو جعفر المعدّل ، ثنا أبو طاهر المخلّص ، نا أحمد بن سليمان ، نا الزبير بن بكار ، حدّثني إسماعيل بن أبي أويس ، حدّثني عبد الرّحمن بن أبي الزّناد ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه قال :
__________________
(١) غير مقروءة بالأصل ، ولعل الصواب ما أثبت.
(٢) بالأصل : «ابن».