كان الغد جلسوا مجلسهم ذلك فذكروه ، وقالوا : هممتم به وذكرتم ما صنع بكم حتى إذا استقبلكم بما تكرهون تركتموه ، فبينما هم على ذلك إذ طلع رسول الله صلىاللهعليهوسلم فوثبوا إليه وثبة رجل واحد يقولون : أنت الذي تقول م (١) آوم؟ قال : «نعم» ، فلقد رأيت رجلا أهوى إليه فأخذ بمجامع ردائه ، ودخل أبو بكر بينهم وبينه ، فقال : ويلكم (أَتَقْتُلُونَ رَجُلاً أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللهُ) وهو يتلي ويقول (أَتَقْتُلُونَ رَجُلاً أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللهُ)(٢) ثم انصرف رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وإنّ ذلك لأكثر ما رأيت بلغوا منه عليهالسلام [٦٠٥٣].
أنبأنا أبو سعد المطرّز ، وأبو علي الحداد ، قالا : أنا أبو نعيم ، نا أبو محمّد بن حيّان ، نا محمّد بن العبّاس ، نا المفضّل بن غسان ، نا محمّد بن كثير ، عن معمر ، عن الزهري ، عن عروة ، عن عائشة قالت : لما أسري بالنبي صلىاللهعليهوسلم إلى المسجد الأقصى أصبح يحدّث بذاك الناس ، فارتدّ ناس ممن كان آمن وصدّق به وفتنوا ، فقال أبو بكر : إني لأصدقه فيما هو أبعد من ذلك ، أصدقه بخبر السماء غدوة أو روحة (٣) ، فلذلك سمّي أبو بكر الصّدّيق (٤).
أخبرنا أبو عبد الله المبارك بن علي بن عبد الباقي بن علي البغدادي ـ بدمشق ـ ثنا أبو سعد محمّد بن عبد الملك بن عبد القهار الأسدي ، نا أبو القاسم عبد الملك بن محمّد بن عبد الله بن بشران ـ إملاء ـ أنا أبو الحسين عبد الباقي بن قانع ، نا إبراهيم بن الهيثم البلدي ، نا محمّد بن كثير المصّيصي ، نا معمر بن راشد عن الزهري ، عن عروة ، عن عائشة قالت
جاء رجل من (٥) المشركين إلى أبي بكر فقالوا : هل لك إلى صاحبك ، يزعم أنه أسري به الليلة إلى بيت المقدس ، قال : وقال ذاك؟ قالوا : نعم ، فقال (٦) : لقد صدق ، قالوا : نصدقه أنه ذهب إلى الشام في ليلة ثم رجع قبل الصبح؟ ، قال : إني لأصدقه بأبعد من ذلك ، بخبر السماء غدوه ورواحه ، فلذلك سمّي أبو بكر الصدّيق.
__________________
(١) كذا رسمها بالأصل.
(٢) سورة غافر ، الآية : ٢٨.
(٣) بالأصل : عدده أو روحه.
(٤) الخبر بهذا الإسناد في أسد الغابة ٣ / ٢٠٦ نقلا عن الحافظ ابن عساكر.
(٥) كذا بالأصل : «رجل» بالإفراد ، والسياق يقتضي قوله : رجال.
(٦) بالأصل : فقالوا.