تقديم
تعتبر رحلة الرحالة العثماني أوليا جلبى (توفى عام ١٠٩٥ ه / ١٦٨٤ م) نموذجا فريدا غير مسبوق في تاريخ الثقافة الإسلامية. إن فوائدها كثيرة خاصة فى وصف البلدان ، لقد تفوق أوليا جلبي الذي جاب ٣٣ دولة من الدول القائمة آنذاك فى ثلاث قارات : أوربا ، وأسيا ، وإفريقيا. وتحتاج هذه الدول معرفة هذه الرحلة لتكون أساسا فى تاريخها. فقد اهتم أوليا جلبى فى رحلته بوصف النظام الإدارى فى كل مكان ذهب إليه بدقة وتفصيل وقدم لنا معلومات عن مالية كل بلد يذهب إليه ، وأخلاق أهل البلد ومدى قربهم أو بعدهم عن التدين. وصف المساجد بدقة وكذلك الكنائس والأديرة والمعابد اليهودية بإحصائيات دقيقة مع إيراد تواريخها. هذه الإحصائيات التى قدمها لأوليا جلبى تشد الانتباه وتخدم علماء الاجتماع وعلماء السكان أيضا. كما تعد رحلة أوليا جلبي مصدار هاما لدراسة الجوانب التاريخية والحياة الاقتصادية والاجتماعية في مصر العثمانية يعتمد عليها كل من أراد دراسة مصر فى القرن السابع عشر.
حدثني أستاذي بكير كوتوك اوغلو الأستاذ بجامعة استانبول ، قبل ما يزيد على خمس وعشرين سنة ، أنه كون لجنة لتحقيق رحلة أوليا جلبي ، ففيها نقص كبير ، وتواريخ متروكة ، وفراغات ، إذ مات الرحالة قبل أن يكتبها. وطلب بكير بك مني أن أشترك فى هذه اللجنة لتحقيق الجزء الخاص بمصر فى الرحلة. وحدثته عن ضرورة ترجمتها إلى العربية فرأى أن تحقق فى لغتها الأصلية وتستكمل علميا ثم ينظر في أمر ترجمتها. ولم يتم مشروع لجنة التحقيق هذه.
ولأن ترجمة الرحلة إلى اللغة العربية ضرورة ، فقد توفر عليها ، أسماء كبارنا ، ذلك الجيل القيم : محمد على عوني وقيل إنه ترجمها وسلمها إلى الدكتور عبد الوهاب عزام