ليراجعها وراجع بعضها وترك أغلبها ليراجها الدكتور أحمد السعيد وعدّل هذا فيها وبدّل فوجد نفسه فى النهاية أمام ترجمة جديدة من صنعه ومن صياغته. وقيل إنه لم يسلمها لوزارة الثقافة المصرية ، بل عهد بها إلى أحد أبنائه الأساتذة. كما قام كاتب هذا البحث بتكوين لجنة من الأساتذة الشبان المتخصصين فى اللغة التركية ليترجموا هذه الرحلة تحت إشرافي وكنت وقتها رئيسا لوحدة البحوث بمركز بحوث الشرق الأوسط بجامعة عين شمس بالقاهرة عام ١٩٨٢ م ، لكن لم يتم أحد من هذه اللجنة عملها إلا الدكتورة ماجدة مخلوف ، وكانت وقتها مدرسا مساعدا.
وعندما تولينا ـ أي كاتب هذه السطور ـ رياسة المركز المصري للدراسات العثمانية وبحوث العالم التركي والبلقان سنة ١٩٩٠ م ، عهدنا إلى أستاذنا الدكتور حسين مجيب المصرى (عليه رحمة الله) بترجمة هذا العمل ـ أي رحلة أوليا جلبي ، على ما في أصله العثماني من نقص ، وعهدنا إلى مجموعة من الباحثين الشبان بمساعدته. وأنفق المركز على هذه الترجمة الشئ الكثير. وقد تطوعت الدكتور ماجدة مخلوف بمراجعتها وإكمال نواقصها. ولم نستطع نشر هذه الترجمة فى حينها لأسباب متعددة رغم أنه لم يكن لنا أى مطالب مادية فيها ، إلى أن اضطلعت دار الآفاق العربية بنشر هذه النسخة الورقية من الترجمة. على كل حال ، يظل أوليا جلبي ، رغم كل هذا ، قمة أدب الرحلات عند المسلمين.
أوليا جلبي : حياته ومسار رحلته
تعتمد معرفتنا لحياة أوليا جلبي. على ما دوّنه في كتابه الضخم ذي المجلدات العشر الذي سجل فيه رحلته.
غير معروف لنا اسمه الكامل والحقيقي ، وربما يكون اسم أوليا جلبى نسبة إلى معلمه أوليا محمد أفندي. ارتحل أوليا جلبي داخل كل البلاد العثمانية وخارجها فى رحلة استغرقت حوالى الأربعين عاما. وقد سجل رحلته هذه والتي تعتبر نموذجا فريدا غير مسبوق في تاريخ الثقافة التركية ومازالت هذه الرحلة هامة حتى يومنا هذا.