الحسن ابن الجيّاب ، شيخ النظم والنثر. ولمّا هلك ابن الجيّاب سنة ٧٤٩ ه ولّاه أبو الحجّاج رئاسة الكتّاب ببابه ، وثنّاها بالوزارة ، ولقّبه بها يوم كان الحاجب أبو النعيم رضوان رئيس وزرائه (١) ، ثم أرسله سفيرا عنه إلى سلطان المغرب أبي عنان المريني ، ليستمدّ منه العون على عدوّه الإسباني ، فجلّى في أغراض سفارته (٢). ولمّا مات أبو الحجاج ، أبقاه ابنه السلطان الجديد الغني بالله محمد بن أبي الحجاج يوسف النصري (٧٥٥ ـ ٧٩٣ ه) في مركزه وزاد في تكريمه ، وضاعف حظوته ، وأعلى مجلسه ، وأرسله سفيرا عنه إلى سلطان المغرب أبي عنان المريني ؛ لتجديد أواصر المحبة التي كانت قائمة بين أبيه أبي الحجاج يوسف وبين أبي عنان ، وذلك في الثامن والعشرين من ذي القعدة سنة ٧٥٥ ه. وفي الخامس عشر من محرم من العام ٧٥٦ ه ، عاد ابن الخطيب إلى غرناطة. وفي الثامن والعشرين من رمضان من عام ٧٦٠ ه ، قام أخو الغني بالله ، إسماعيل بن أبي الحجاج يوسف النصري ، الذي كان معتقلا في أبراج قلعة الحمراء ، بمؤازرة بعض الناقمين على الغني ، بثورة على هذا الأخير ، وأقصوه عن الحكم ، وقتلوا الحاجب رضوان ، ونادوا بإسماعيل سلطانا ، ففرّ الغني إلى وادي آش. وسعى ابن الخطيب إلى مصانعة السلطان الجديد ، فاستبقاه في الوزارة ، ولكن لأسابيع قليلة فقط ، حيث قبض عليه واعتقله. وسعى سلطان المغرب أبو سالم المريني لدى سلطان غرناطة الجديد إلى أن يجيز للغني الانتقال إلى المغرب برفقة ابن الخطيب ، فأفرج عن ابن الخطيب ، فلحق بسلطانه المخلوع في وادي آش ، وانتقل الاثنان من هناك إلى المغرب ، فوصلا مدينة فاس في السادس من محرم سنة ٧٦١ ه (٣). وفي السادس لذي القعدة من العام التالي ، توفيت زوجته أمّ ولده ، فدفنها بالبستان المتصل بداره بمدينة سلا ، ووصفها بواحدة نساء زمانها.
ولمّا ثاروا بغرناطة وقتلوا السلطان إسماعيل ، ونادوا بمحمد بن إسماعيل بن فرج سلطانا ، جاز الغني بالله إلى الأندلس مع قاضي حضرته أبي الحسن النباهي ووزيره ابن الخطيب ، ففرّ السلطان الجديد ، واستردّ الغني ملكه ، وذلك في الحادي والعشرين من شهر جمادى الآخرة سنة ٧٦٣ ه (٤). وفي الثامن من رمضان أصدر
__________________
(١) أبو النعيم رضوان من أصل قشتالي ، سبي صبيّا وربّي في القصر السلطاني ، وعظمت منزلته. وجعله السلطان أبو الحجاج يوسف النصري كاتب سرّه وحاجبه ، وظل كذلك في عهد السلطان الغني بالله محمد بن يوسف النصري.
(٢) كتاب العبر (م ٧ ص ٦٨٩ ـ ٦٩٠).
(٣) أزهار الرياض (ج ١ ص ١٩٤ ـ ١٩٦ ، ٢٠٢ ـ ٢٠٣ ، ٢٠٧) واللمحة البدرية (ص ١١٣ ـ ١١٤ ، ١٢٩).
(٤) أزهار الرياض (ج ١ ص ٣٧ ـ ٣٨ ، ٢٠٨ ، ٢٢٤).