قال ابن جزي : في ذكر قابس يقول بعضهم :
لهفي على طيب ليال خلت |
|
بجانب البطحاء من قابس |
كأن قلبي عند تذكارها |
|
جذوة نار بيدي قابس! |
رجع ، ثم خرجنا من مدينة قابس قاصدين طرابلس وصبّحنا في بعض المراحل إليها نحو مائةفارس أو يزيدون (٥٢) ، وكان بالركب قوم رماة فهابتهم العرب وتحامت مكانهم وعصمنا الله منهم (٥٣) ، وأظلنا عيد الأضحى (٥٤) في بعض تلك المراحل ، وفي الرابع بعده وصلنا إلى مدينة طرابلس (٥٥)! فأقمنا بها مدة ، وكنت عقدت بصفاقس على بنت لبعض أمناء تونس فبنيت عليها بطرابلس (٥٦) ، ثم خرجت من طرابلس أواخر شهر المحرم من عام ستة وعشرين (٥٧) ومعي أهلي وفي صحبتي جماعة من المصامدة ، وقد رفعت العلم ، وتقدمت عليهم وأقام الركب في طرابلس خوفا من البرد والمطر ، وتجاوزنا مسلاتة (٥٨) ومسراتة (٥٩)
__________________
(٥٢) عوض (أو يزيدون) نقرأ في بعض المخطوطات عبارة : (من عرب يزيد) وهو ما في مخطوطة الأمير مولاي العباس المشار إليها في المقدمة ...
(٥٣) إن من يعرف عن هذه الفترة القلقة من تاريخ المنطقة وتنافس الأمراء والزعماء وتأثير الخلافات بين بني حفص وبني عبد الواد لا يجد غرابة في استهداف ركب الحاج للتهديدات التي أشار إليها الرحالة المغربي ... يراجع ابن خلدون في تاريخه كما يراجع ابن القنفذ في" الفارسية".
(٥٤) عيد الأضحى كان يوافق ١٧ نونبر ١٣٢٥.
(٥٥) طرابلس عرفت في التاريخ بإضافة كلمة الغرب إليها تمييزا لها عن طرابلس الشام ، وقد تحدثت الموسوعات الجغرافية كثيرا عن طرابلس ، التي بناها الأفارقة إثر خراب طرابلس القديمة ، وقد كان بها ـ على ما يقول ابن الوزان ـ عدة جوامع وبعض المدارس والبيمارستانات لإيواء المساكين والغرباء ، ويتناول أهلها طعاما يعرف بالبازين الذي تتقن بعض الجهات هناك إعداده ولهم أشعار فيه طريفة ...
د. التازي : أمير مغربي في طرابلس نشر المعهد الجامعي للبحث العلمي ، مطبعة فضالة ١٩٧٦ ص ١٢٢ وما بعدها.
(٥٦) نلاحظ أن ابن بطوطة يبتدئ في طرابلس اللائحة الطويلة للزوجات اللّاتي اقترن بهن لفترات متوالية أثناء رحلته إن لم تكن الزوجة الأولى من طنجة!!
(٥٧) ٢٤ محرم ٧٢٦ توافق أول يناير ١٣٢٦.
(٥٨) مسلاته : يذكر ابن الوزان أنه إقليم على شاطىء البحر المتوسط يكثر فيه النخيل وشجر الزيتون ، كان الإقليم على عهده يختار رئيسه من بين سكانه ويدير شؤون السلم والحرب ، هذا ويلاحظ هنا رفع العلم من لدن فريق من الحجاج كإشارة مميّزة لهم وهو ما لا نزال نلاحظه إلى اليوم في موسم الحج ...
(٥٩) مسراته أو مصراته : إقليم كذلك على شاطىء البحر المتوسط ، يتعاطى أهله التجارة ويقتنون البضائع التي تحملها إلى بلادهم سفن البندقية ...
د. التازي : أمير مغربي في طرابلس ص ١٥٣ مصدر سابق.