شيخهم فيأتون المسجد ويصلي كلّ واحد على سجادته فإذا فرغوا من الصلاة قرأوا القرآن على عادتهم ثم ينصرفون مجتمعين إلى الزاوية ومعهم شيخهم.
ذكر قرافة مصر ومزاراتها
ولمصر القرافة العظيمة الشأن في التبرك بها ، وقد جاء في فضلها أثر خرجه القرطبي(٩١)وغيره لانها من جملة الجبل المقطم (٩٢) الذي وعد الله أن يكون روضة من رياض الجنة ، وهم يبنون بالقرافة القباب الحسنة ويجعلون عليها الحيطان فتكون كالدور ويبنون بها البيوت ويرتبون القراء يقرءون ليلا ونهارا بالأصوات الحسان ، ومنهم من يبني الزاوية والمدرسة إلى جانب التربة ، ويخرجون في كل ليلة جمعة إلى المبيت بها بأولادهم ونسائهم ، ويطوفون على المزارات الشهيرة ، ويخرجون أيضا إلى المبيت بها ليلة النصف من شعبان (٩٣) ، ويخرج أهل الأسواق بصنوف المآكل.
ومن المزارات الشريفة المشهد المقدس العظيم الشأن حيث رأس الحسين بن علي (٩٤) عليهماالسلام ، وعليه رباط ضخم عجيب البناء (٩٥) على أبوابه حلق الفضة وصفائحها أيضا كذلك ، وهو مؤفي الحق من الإجلال والتعظيم ، ومنها تربة السيدة نفيسة بنت زيد بن علي بن
__________________
(٩١) القصد إلى الفقيه المالكي أبي العباس أحمد بن عمر بن ابراهيم الأنصاري القرطبي ، من رجال الحديث ، كان مدرسا بالاسكندرية وبها توفي عام ٦٥٦ ـ ١٢٥٨ ، من كتبه" المفهم في شرح مسلم" و (مختصر الصحيحين) ...
(٩٢) يقع تلّ المقطّم الذي قد يسمونه جبلا ، في الجنوب الشرقي للقاهرة وفي شمال القرافة ، وإن ما رواه ابن بطوطة هنا مقتبس من مصادر أخرى سابقة ...
(٩٣) ليلة النصف من شعبان لها منزلة خاصة في المجتمع الإسلامي بسبب ما ورد فيها وعنها من آثار نبوية ، وينعتها العامة في المغرب بليلة" تزميم العمر" وربما عرف يوم ١٥ شعبان بيوم النسخة حيث يتم فيه موسم مولاي عبد السلام بن مشيش شمال المغرب.
(٩٤) نحن نعرف أن الحسين السبط استشهد في كربلاء يوم عاشر محرم ٦١ ـ ١٠ أكتوبر ٦٨٠ أثناء اصطدام مع جيش يزيد بن معاوية ... وقد أرسل رأسه ونساؤه وأطفاله إلى دمشق عاصمة الأمويين ... وفي أثناء محاصرة عسقلان من لدن الصليبيين عام ٥٤٧ ـ ١١٥٣ قام الفاطميون ـ وهم منحدرون من الحسين ـ بنقل رأس الحسين إلى القاهرة وبنو عليه مزارة رفيعة ...
(٩٥) يتعلق الأمر بمدرسة شيدها السلطان صلاح الدين ، ووصفت كذلك من قبل الرحالة المغربي ابن جبير عام ٥٧٨ ـ ١١٨٣.