وفي القبلة من هذا المسجد بئر تعرف ببئر إبراهيم عليهالسلام (٣٤) ينزل اليها في درج متسعة ويدخل منها إلى بيوت ، وفي كل جهة من جهاتها الاربع عين تخرج من أسراب مطوية بالحجارة ، وماؤها عذب وليس بالغزير ، ويذكر الناس من فضائلها كثيرا.
وبظاهر عسقلان وادي النّمل ويقال إنه المذكور في الكتاب العزيز (٣٥) وبجبانة عسقلان من قبور الشهداء والأولياء مالا يحصر لكثرته (٣٦) أوقفنا عليهم قيّم المزار المذكور وله جراية يجريها له ملك مصر مع ما يصل إليه من صدقات الزوار.
ثم سافرت منها إلى مدينة الرّملة (٣٧) : وهي فلسطين ، مدينة كبيرة كثيرة الخيرات حسنة الأسواق وبها الجامع الأبيض (٣٨) ويقال إن في قبلته ثلاثمائة من الأنبياء مدفونين ، عليهمالسلام (٣٩) وفيها من كبار الفقهاء مجد الدين النابلسي.
ثم خرجت منها إلى مدينة نابلس (٤٠) وهي مدينة عظيمة كثيرة الأشجار ، مطردة الأنهار ، من أكثر بلاد الشام زيتونا ، ومنها يحمل الزيت إلى مصر ودمشق ، وبها تصنع حلواء الخروب وتجلب إلى دمشق وغيرها ، وكيفية عملها أن يطبخ الخروب ثم يعصر ويؤخذ ما يخرج منه من الرّب فتصنع منه الحلواء ، ويجلب ذلك الرّب أيضا إلى مصر والشام وبها البطيخ
__________________
(٣٤) يذكر الهروي أن هذا البئر هو بئر إبراهيم خليل الله ، ويقال إنه حفره بيده ... ص ٣٢ ـ الاشارات.
(٣٥) " وحشر لسليمان جنوده من الجن والأنس والطير فهم يوزعون حتى إذا أتوا وادي النمل قالت نملة : يا أيها النمل ادخلوا مساكنكم ... سورة النمل ٢٧ الآية ١٧ ـ ١٨.
وقد ورد عند الهروي : انه بين بيت جبرين وعسقلان يوجد وادي النمل حيث تحدث سيدنا سليمان إلى النمل على ما هو معروف.
(٣٦) هنا مقابر عدد من شهداء الحروب الصليبية وعدد من الصالحين ، ويؤكد الهروي (٦١١ ـ ١٢١٥) أن مقبرة عسقلان تضم جملة وافرة من الأولياء والصحابة الذين لم تعرف أسماؤهم ...
(٣٧) الرملة : مدينة أسست عام ٩٧ ـ ٧١٦ من لدن الخليفة الأموي سليمان بن عبد الملك (ت ٩٩ ـ ٧١٧ م) وينعتها المقدسي بأنها قصبة فلسطين أي عاصمتها.
(٣٨) ذكر المقدسي : " إنّ الجامع الأبيض ... هذا أبهى وأرشق من جامع دمشق وليس في الإسلام أكبر من محرابه ... وله منارة بهية ، بناه هشام بن عبد الملك ..." وقد أعيد بناؤه من لدن الملك الناصر عام ٧١٨ ـ ١٣١٨.
(٣٩) يروي الهروي أنه توجد هناك مقابر لسبعين نبيّا ماتوا جوعا في يوم واحد ، أخرجهم بنو إسرائيل من القدس فألجأوهم إلى الرملة تم أحاطوا بهم ... الإشارات ص ٣٣.
(٤٠) نابلس مدينة السّامرة على حدّ تعبير ابن حوقل وتشتهر اليوم بمعاملها المتخصصة في صناعة الصابون ...