المنسوب اليها وهو طيب عجيب. ومسجدها الجامع في نهاية من الاتقان والحسن ، وفي وسطه بركة ماء عذب.
ثم سافرت منها إلى مدينة عجلون (٤١) وهي بفتح العين المهملة وهي مدينة حسنة ، لها أسواق كثيرة ، وقلعة خطيرة ، ويشقها نهر ماؤه عذب.
ثم سافرت منها بقصد اللّاذقية فمررت بالغور (٤٢) وهو واد بين تلال به قبر أبي عبيدة بن الجراح أمين هذه الأمة رضياللهعنه (٤٣) ، زرناه وعليه زاوية فيها الطعام لابناء السبيل وبتنا هنالك ليلة. ثم وصلنا إلى القصير (٤٤) وبه قبر معاذ بن جبل رضي الله (٤٥) عنه ، تبركت أيضا بزيارته.
ثم سافرت على الساحل فوصلت إلى مدينة عكّة (٤٦) وهي خراب ، وكانت عكة قاعدة
__________________
(٤١) تقع عجلون (ADJLOUN) في الشمال الغربي لجرش بالمملكة الأردنية الهاشمية ، وقلعتها التي تحمل اسم قلعة الرّبض أسست سنة ٥٨٠ ـ ١١٨٤ من لدن أحد حكام السلطان صلاح الدين : عز الدين أسامة ، وقيل إنه كان في مكان القلعة دير قديم يسكنه نصراني اسمه عجلون ابن شداد (ت ٦٤٨). الأعلاق الخطيرة في ذكر أمراء الشام والجزيرة. ـ تحقيق سامي الدهان ، المعهد الفرنسي للدراسات العربية ، دمشق ١٣٨٢ ـ ١٩٦٢ ص ٨٦ ـ ٨٧ إلخ ... وقد زرت القلعة عدة مرات
. W. M. Thomson, The Land and The Book, London ٣٨٨١.
(٤٢) الغور هنا وادي الأردن جنوب بحيرة طبرية أما عن اللاذقية فسياتي الحديث عنها مفصّلا ...
(٤٣) أبو عبيدة هو عامر بن عبد الله بن الجرّاح ، فتح الديار الشّامية وبلغ الفرات شرقا وأسيا الصّغرى شمالا كان لقبه أمين هذه الأمة ، قال ابن عساكر : داهيتا قريش أبو بكر وأبو عبيدة ، أدركه أجله بسبب طاعون عمواس عام ١٨ ـ ٦٣٩ وقبره ، حسب ياقوت ، على بعد اثني عشر فرسخا من طبرية. ـ ابن خلكان : الوفيات ٣ ، ١٤٩.
(٤٤) القصد إلى قصير معين الدين بالغور الذي ذكره ياقوت من أعمال الأردن ، يكثر فيه قصب السكر.
(٤٥) معاذ بن جبل الأنصاري ... بعثه الرسول صلىاللهعليهوسلم بعد غزوة تبوك قاضيّا ومرشدا لأهل اليمن وأرسل معه كتابا إليهم يقول فيه : إني بعثت لكم خير أهلي ... وقد شارك معاذ أبا عبيدة في فتح الشام وخلفه بعد وفاته لكنه مات أيضا بالطاعون في نفس السنة ١٨ ـ ٦٣٩ دفن بالقصير سالف الذكر. ابن خلكان الوفيات ١٦٦ ـ ١٤٩.
(٤٦) اسم عكا قديم جدّا ، كانت صلة الوصل بين مصر وسورية وورد في الأعلاق الخطيرة لابن شداد أنها" قفل بلاد الساحل ، وقصبة ما فيه من الحصون والمعاقل ، أنشأ بها معاوية ابن أبي سفيان سنة (٤٩) دار صناعة للأسطول ، ولما كانت سنة ٢٤٧ ، أمر المتوكل بترتيب المراكب بعكّا ... وقد الت إلى الافرنج إلى أن قصدها صلاح الدين بعد كسرتهم في حطين وأسر ملوكهم ونازلها في ربيع الآخر ٥٨٣ ... وبقيت في يده إلى أن قصدها الفرنج بدورهم ونازلوها يوم ١٣ رجب سنة ٥٨٥ ... إلى أن دخلوها يوم الجمعة ١٧ جمادى الثانية ٥٨٧ وقد هدمت سنة ٥٩٠ ـ ١٢٩١ عندما استرجعت من لدن السلطان الأشرف خليل ، والجدير بالذكر أنها كانت المنطلق للرحالة ماركوپّولو إلى آسيا فمنها أبحر قاصدا الصّين على ما يقال.