سوى ذلك ، وقصدوا ملك العراق ، وصحبهم أمير حمص الأفرم (١٣١) ووصلوا إلى الملك محمد خدا بنده (١٣٢) سلطان العراق وهو بموضع مصيفه المسمى قراباغ (١٣٣) بفتح القاف والراء والباء الموحدة والغين المعجمة ، وهو ما بين السلطانية وتبريز ، فأكرم نزلهم وأعطى مهنّا عراق العرب وأعطى قراسنقور مدينة مراغة من عراق العجم (١٣٤) ، وتسمى دمشق الصغيرة ، وأعطى الأفرم همدان ، وأقاموا عنده مدة مات فيها الأفرم ، وعاد مهنّا إلى الملك الناصر بعد مواثيق وعهود أخذها منه ، وبقى قراسنقور على حاله.
وكان (١٣٥) الملك الناصر يبعث له الفداوية مرة بعد مرة ، فمنهم من يدخل عليه داره فيقتل دونه ، ومنهم من يرمي بنفسه عليه وهو راكب فيضربه وقتل بسببه من الفداوية جماعة ، وكان لا يفارق الدّرع أبدا ولا ينام إلا في بيت العود والحديد ، فلما مات السلطان محمد وولى ابنه أبو سعيد وقع ما سنذكره من أمر الجوبان كبير أمرائه ، وفرار ولده الدمرطاش إلى الملك الناصر. ووقعت المراسلة بين الملك الناصر وبين أبي سعيد واتفقا على أن يبعث أبو سعيد إلى الملك الناصر برأس قراسنقور ويبعث اليه الملك الناصر برأس الدّمرطاش ، فبعث الملك الناصر برأس الدمرطاش إلى أبي سعيد ، فلما وصله أمر بحمل قراسنقور إليه ، فلما
__________________
(١٣١) هو أقش الأفرم الجركسي ، كان من مماليك المنصور ، في بداية أمره ، يحب الفروسية ... ولما عاد الناصر إلى السلطنة بعثه إلى دمشق في جمادى I سنة ٧٩٨ ... ، كان الأفرم يقول : لولا القصر الأبيض والميدان الأخضر ما تركت بيبرس وسلار ينفردان بمملكة مصر ، وزاد تمكن الأفرم بدمشق حتى كان يكتب التواقيع بالوظائف ويرسلها لمصر فيعلم السلطان عليها ولا يرد منها شيء.! ثم لما كانت قصة الناصر بالكرك وعاد إلى السلطنة ... ولاه طرابلس (وليس حمصا كما عند ابن بطوطة) ثم عمل الناصر على إمساكه ، ففر إلى خربنده ملك التتار ملتحقا بقراسنقر فأنعم عليه بامرة همدان فأقام بها وترددت إليه (الفداوية) مرات فلم يقدروا عليه إلى أن مات بها ، وقد أصابه الفالج بعد سنة ٧٢٠ ـ ١٣٢٠. ـ الدرر الكامنةl ، ٤٢٤.
(١٣٢) اسمه التتري أولجايتو (OLJAITU) تملك من عام ٧٠٣ ـ ١٣٠٤ إلى ٧١٦ / ١٣١٦ تغير اسمه إلى تيمور ثم إلى خدابنده وسيأتي الحديث عنه ٤١١ ـ II.
(١٣٣) قراباغ لا يوجد بين السلطانية وبين تبريز ولكن في الشمال لهذه الأخيرة في أذربيجان. راجع كتاب إيران بين الأمس واليوم
(١٣٤) (عراق العجم) علم جغرافي كان يطلق على ما يعرف باسم (الجبال) أي ما بين أصبهان إلى قزوين وهمدان والرّي الخ ... في مقابلة السهل الواقع على شاطىء دجلة والفرات الذي يسمى عراق العرب .. ويقول ياقوت : ان تسمية العجم للمنطقة الأولى بالعراق غلط ... وقد ظننت أن السبب فيه أن ملوك السلجوقية كان أحدهم إذا ملك العراق دخلت تلك البلاد في ملكه فكانوا يسمونه سلطان العراق وهذا أكثر مقامه بالجبال فظنّوا أن العراق المنسوب إليه ملكه هو الجبال .. ـ مراغة تبعد عن تبريز ١٥١ ك. م
(١٣٥) كلّ هذه المعلومات التي قالها لنا ابن بطوطة نجدها معزّزه في المصادر المشرقية وبخاصة في الدرر الكامنة لابن حجر. ـ راجع مثلا ج ١ ص ٤٢٤ ج ٥ ص ١٣٨.