لا نعرف عن أسفاره الكثيرة إلا القليل لنقص في مصادرنا ، ومع ذلك نعلم من الترجمة (٨٥١) عند ذكره عمر الواتكتي أنه ذهب إلى بخارى للدرس حيث قال : «كان معنا ببخارى وقت تفقهنا بها وسمع معنا من مشايخها». كما ذهب إلى بغداد سنة ٥٠٧ ه كما ذكر ذلك ابن النجار بقوله : «قدم بغداد حاجا في سنة سبع وخمسمائة وسمع من أبي القاسم ابن بيان وغيره» (١) ، وهو كلام يفهم منه أنه كان في طريقه إلى الحج تلك السنة ويبدو أنه لم يمكث طويلا ببغداد أو مكة ، ذلك أن فصيح الخوافي يقول ضمن حوادث ٥٠٧ ه : «فيها عاد الإمام أبو حفص النسفي من أهل سمرقند من الكعبة المعظمة» (٢). وقد حدّث خلال إقامته ببغداد في مدرسة الأمير خمارتكين ابن عبد الله. (٣)
وأخيرا توفي سنة ٥٣٧ ه ودفن بمقبرة جاكرديزة بسمرقند ، وهي مقبرة وصفها أبو طاهر السمرقندي بقوله : «تقع داخل مدينة سمرقند في طرف القسم الشرقي فيها ... وكانت (المقبرة) في الأصل بستانا للشيخ الزاهد إبراهيم بن شماس المطوعي (٤) وهو مدفون فيها ... وفي الطرف الغربي صحن توجد فيه حظيرة المفتين يقال إنه مدفون فيها أربعمائة من المفتين (٥) ، ويوجد
__________________
(١) ذيل تاريخ بغداد ، ٢٠ / ٩٩ ، أما ابن بيان فهو علي بن أحمد بن محمد بن بيان الرزاز البغدادي (٤١٣ ـ ٥١٠ ه) ترجم له الذهبي في سير أعلام النبلاء (١٩ / ٢٥٧ ـ ٢٥٨). وفي الترجمة ٥٦١ ذكر أن النسفي كان ببغداد خلال سنتي ٥٠٧ و٥٠٨ ه.
(٢) مجمل فصيحي ، ٢ / ٢١٨.
(٣) ذيل تاريخ بغداد ، ٢٠ / ٩٩.
(٤) قال محقق كتاب سمرية الذي نقلنا منه هذا النص إن اسم هذا الرجل ورد في المخطوطة بشكل : إبراهيم ابن سماس المطوعي. وقد صححه محقق الكتاب إلى : «أبو إسحاق ابن إبراهيم السماسي المطوعي». ولا ندري السبب في هذا التصحيح الذي ابتعد كثيرا بالاسم عن واقعه. فإبراهيم بن شماس السمرقندي الغازي المطوعي مشهور جدا وقد ترجم له الخطيب في تاريخ بغداد (٦ / ٩٩ ـ ١٠٢) وقال : «كان فارسا شجاعا ، قتله الترك وهو جاء من ضيعته وهو غارّ لم يشعر بهم ، وذلك خارج من سمرقند ولم يعرفوه ... سنة ٢٢١ ه». وقد ورد في قندية (ص ٣٣) بشكل «أبو إسحاق ابن إبراهيم السماسي». والصواب ما ذكرناه.
(٥) نحتمل أن هذه الحظيرة هي «تل أصحاب الحديث» الذي ترد الإشارة إليه كثيرا في القند بوصفه مدفنا لأصحاب الحديث ، وهي التي ذكرت في كتاب قندية (ص ٣٢) دون اسم بالقول : «مقبرة الأربعمائة والأربعين ألف متّق (!) المدفونين فيها».