الأحاديث الواردة فيه ، المروية عن النبي (ص) بشكل خاص يوجد في بعضها ما يشير إلى ضعف أسانيدها أو اختلاقها أو تحريفها. وبعض رواتها كذابون معروفون لدى علماء الجرح والتعديل ، بينما انطلت بعض هذه الأسانيد على من لا خبرة له بهذا الفن أو لبساطته فرواها فرحا بكثرة شيوخه الذين يروي عنهم. وللأسف فإن شطرا من الأحاديث الواردة في القند هي من الأحاديث الموضوعة. وسنشير إلى بعض هؤلاء الوضاعين الذين ترد أسماؤهم في الأسانيد. ففي أول ترجمة حسب طبعتنا للكتاب وهي المرقمة (١) : إبراهيم بن السري الهروي نجد أنه صاحب كتاب جزاء الأعمال ، وهو يروي عن الكرماني والفاريابي. قال ابن حجر وهو يترجم لمحمد ابن عكاشة : «ذكره الحاكم في أقسام الضعفاء فقال : ومنهم جماعة وضعوا ـ كما زعموا ـ يدعون الناس إلى فضائل الأعمال مثل أبي عصمة ومحمد بن عكاشة الكرماني. ثم نقل عن سهل بن السري الحافظ أنه كان يقول : وضع أحمد الجويباري ومحمد بن تميم [الفاريابي] ومحمد بن عكاشة على رسول الله (ص) أكثر من عشرة آلاف حديث» (١). ومما يجعل العامة يخدعون بهم وبرواياتهم هو صلاحهم الظاهر ووقارهم ، فقد روى ابن حجر عن أبي ذر الهروي قوله في عكاشة هذا : «وكان بكّاء موصوفا بالبكاء ، سمعت محمد بن عبد الرحمن يقول : كان إذا قرأ بكى ، فكنت أسمع خفقان قلبه ، وكان من أحسن الناس نغمة» (٢).
ولقد نص السمعاني وهو الخبير النيقد في هذا الفن ـ على أن كتاب جزاء الأعمال أكثر ما فيه موضوعات محمد بن تميم الفاريابي (٣). كما ذكر ابن حجر غلام الخليل (أحمد بن محمد بن غالب الباهلي) الذي وصفه بقوله : «كان من كبار الزهاد ببغداد» أنه سئل عن الأحاديث التي تدعى الرقائق فقال : «وضعناها لنرقق بها قلوب العامة» ، ثم نقل بعد ذلك قول أبي داود بحق غلام الخليل هذا وهو : «أخشى أن يكون دجّال بغداد» ، وقول أبي داود : «قد عرض عليّ من حديثه فنظرت في أربعمائة حديث أسانيدها ومتونها كذب كلها» (٤).
__________________
(١) لسان الميزان ، ٦ / ٣٥٥.
(٢) نفس المصدر والجزء والصفحة.
(٣) الأنساب ، ٥ / ٥٣٨.
(٤) لسان الميزان ، ١ / ٤١٢ ـ ٤١٣ ؛ توفي غلام الخليل هذا سنة ٢٧٥ ه وحمل في تابوت من بغداد إلى البصرة ، فدفن وبنيت عليه قبة (ميزان الاعتدال ، ٢ / ١٤٢). وغلام الخليل يرد في بعض أسانيد القند.