قال : وكان اتخذ يزيد بن المهلب بخراسان بستانا في داره ، فلما ولي قتيبة جعل ذلك لإبله وقال : إن أبي كان اشتربان ، وأبا يزيد كان بستان بان ، وفتح قتيبة سنة سبع وثمانين بيكند ، ثمّ بخارى وكسّ ، ونسف وسغد وسمرقند وخوارزم وكابل ونسا ، ثم فتح فرغانة سنة خمس وتسعين ، وفيها مات الحجاج ، فرجع قتيبة إلى مرو ، فكاتبه الوليد بن عبد الملك ومنّاه حتى عاد إلى فرغانة وأكثر القتل والسبي وأخذ الرهائن ، وقفل فلما انتهى إلى كشميهن نعي إليه الوليد.
يروي عن عامر الشعبي ، وعبد الله بن بريدة بن الخصيب عن مروان أو عبد الملك بن مروان وغيرهم ، ولما ولي خراسان فأول منبر رقيه منبر الري ، فلما استوى سقط القضيب من يده ، فساءه ذلك وخاف أن يصير ذلك فألا ، ثم تذكر قول القائل في ذلك ، فأنشده على المنبر ، وسري عنه :
فألقت عصاها واستقرت بها النوى |
|
كما قرّ عينا بالإياب المسافر |
ولمّا حاصر سمرقند قالوا : إنك لست الذي تفتح هذه ، فلا تتعبن [نفسك] ، إنما يفتحها رجل يقال له : بالان ، فقال : الله أكبر ، أنا والله بالان ، أنا أفتحها ، ولما أشرف من جبل السغد على سمرقند قال لأصحابه : شبّهوها قالوا : لا ندري. فقال قتيبة : كأنها السماء في الخضرة ، وكأن قصورها النجوم الزاهرة ، وكأن نهرها المجرة ، وقال الأصمعي : كان لقتيبة بن مسلم عناق يؤتى به في آخر طعامه ، فإذا جاءت لم يمد أحد يده إليها ، فبلغ ذلك شيخا من سادة باهلة بالبصرة فقدم عليه ، فلما حضر غداؤه ، وأتي بالعناق امتنع القوم عنها ، وجعل الشيخ يقطع أعضاءها ويلقي بين أيدي القوم فقال له قتيبة : أظن أن أمها نطحتك ، فقال الشيخ : بل أظن أمها أرضعتك ، وكان نقش خاتمه : نعم القادر الله.
وقتل قتيبة ولد امرأة وزوجها وأخاها فقيل لها : ألك عدو أعدى من قتيبة؟ قالت : نعم ، [١٩٢ أ] بطني يسألني الطعام وأنا أراهم. وقال قتيبة : لا تتخذوا يدا عند ثلاثة : عند أحمق فإن شكره على قدر عقله ، ولا عند لئيم فإنه كالماء يجريه في السبخة ، ولا عند فاسق فإنه يرى أنك فعلت ذلك خوفا منه.
قال : أخبرنا الشيخ الإمام أبو حفص عمر بن أحمد الشبيبي رحمهالله قال : أخبرنا أبو حفص عمر ابن أحمد الشاهيني قال : أخبرنا أبو سعد الإدريسي قال : حدثنا الفضيل بن العباس قال : حدثنا أحمد بن محمد بن عمرو بن حبيب قال : حدثنا الأمير خالد بن أحمد قال : حدثنا أبي عن سعيد