فانعقل بعض حدة لسانه ، وامتنع عن التذكير ، ولم يزل بعد وفاة أبيه يرتفع وينخفض إلى أن قلّد قضاء همذان في زمن السلطان طغرل بك ، فأقام بها مدّة ولقّب بقاضي القضاة. وكان سليم النفس قصير اليد ، ثمّ عزل عن القضاء فعاد إلى نيسابور ، ولزم بيته ، وترك التجمّل والدار على البلا! واشتغل بالعبادة ولزم جوار المسجد الجامع ، وكان ظريف الصحبة لطيف المعاشرة حسن العهد [٤٧ أ] صادق الموّدة.
سمع الحديث من أصحاب الأصم : القاضي أبي بكر وأبي سعيد الصيرفي وطبقتهم ، ثمّ عن والده ومشايخ الطبقة الثانية وعاش عيش الصالحين.
توفّي ليلة الأربعاء الخامس من شعبان سنة [ستّ و] ثمان [ين] وأربع مئة ، وصلّينا عليه بباب الطاق ودفن في المقبرة مقابل الجامع.
ـ ١٩٥٣ ـ (١)
[أبو الحسن الروقي]
ومنهم عبيد الله بن طاهر بن الحسين الروقي أبو الحسن الإمام ابن الإمام ، سبط الإمام أبي بكر محمد بن فورك ، شيخ كبير فاضل ، من وجوه العلماء والأئمة بالطابران ، حسن السيرة ، عفيف السريرة ، حسن الكلام ، كثير الفائدة ، من تلامذة أبي محمّد الجويني.
حصّل المذهب ، وتخرّج فيه ، ودرّس سنين بالعربية والفارسية ، وقرأ الأصول ، وأخذ في التذكير من الإمام زين الإسلام أبي القاسم [القشيري] وقت انتقاله من نيسابور إلى طوس ، وكان كلامه مقبولا مؤثرا محبوبا ، ومجلسه مفيدا مشحونا بمسائل الفقه وكلام الصوفية ، ولقي قبولا مدّة مقامه بنيسابور ، وكان في طوس إليه الفتوى في المذهب لتبحّره في المذهب وكان حسن الشمائل على سيرة السلف الصالح.
سمع الحديث من مشايخ الطبقة الثانية ومن مشايخ طوس ، ولم يرو إلّا القليل.
وعاش في رغد وصيانة وعفاف وتوفّي يوم الخميس الثاني عشر من شهر رمضان سنة ست وتسعين [وأربع مئة] وجاء نعيه إلى نيسابور.
__________________
(١) منتخب السياق ٩٩١ ، وتقدمت ترجمة أبيه.